نساء قطر

الشيخة د. هيا علي جاسم آل ثاني

عالمة آثار

إنَّ تاريخَ أيِّ حضارةٍ عاملٌ مهمٌ لتكوينِ مستقبلِهَا، والتاريخُ لا يرسمُ لنا هويتَنا فحسبْ، بلْ يبني لنا الأساسَ الذي تقومُ عليه جميعُ محاورالتطورِ والتجديدِ قيل الكثيرُ في هذا الحقلِ من العلمِ، مثلُ: (لو أردتَ فهمَ الحاضرِ فادرسْ الماضي)[1] و(الأمةُ التي تحفظُ تاريخَها تحفظُ ذاتَها)[2]. لنتعرفْ على إحدى المؤرخاتِ القطرياتِ التي ساهمتْ في ترسيخِ تاريخِ دولةِ قطرَ قبل أنْ تُعرفَ بهذا الاسمِ منْ هي الشيخة الدكتورة هيا عليٍّ آل ثاني؟

منْ ناحيةِ حياتِي الأكاديميةِ، تخرجتُ ببكالوريوس منْ جامعةِ قطرَ، ثم درستُ تاريخَ الفنِ في جامعةِ الملكِ سعودِ بالرياضِ وأعتبرُهَا دراسةً صعبةً؛ وذلك لأنَّها كانتْ قائمةً على كتابةِ فرضيةِ تخرجِ بالإضافةِ إلى أخذِ مقرراتٍ في مختلفِ الحقولِ الزمنيةِ، وكطلبةِ تاريخٍ كان منْ المفروضِ علينا أنْ نأخذَ دروسًا تاريخيةً ابتداءً من العصورِ الحجريةِ إلى التاريخِ المعاصرِ والحديثِ كان تخصصُي في البداية مركزًا على التاريخِ الحديثِ ولكنْ أشار علىّ أحدُ الأساتذةِ أنِّ هناك نقصًا في علماءِ الآثارِ في دولةِ قطرِ، وشجعنِي على نقلِ تركيزي إلى علمِ الآثارِ بعد ذلك أخذتُ الدكتوراة من معهد علمِ الآثارِ في جامعةِ لندن، ركزتُ على دراسة بدءِ الحضاراتِ حتى العصرِ البرونزي والذي نعرفُهُ في تخصصِ التاريخِ كبدايةِ تدوينِ الإنسانِ تاريخِه. كان العصرُ البرونزي (٣٠٠٠ قبل الميلاد - ١٢٠٠٠قبل الميلاد) بالنسبةِ للخليجِ منطقةِ (دلمون) التي تمتدُ من الكويتِ إلى المنطقةِ الشرقيةِ إلى البحرينِ وقطرَ. كانت قطرُ من ضمنِ هذه الحضارةِ، وكانت تقوم بدورِ الوسيطِ في التجارةِ ونقلِ الأفكارِ ووجِدت بعضُ الآثارِ لتوثقَ علاقةَ قطرَبجيرانها و ببلادِ الرافدينِ ودورَها في هذه الحضارةِ من بينها فخار عبيدي( الذى يعود للعصر الحجري الحديث وفخار دلموني( والذى يعود للعصر البرونزي)… شدني هذا الموضوعُ كثيرًا فدرستُ الأختامُ الدلمونيةُ والتي هي عبارةٌ عن نقوشٍ تعكسُ الحياةَ الاجتماعيةَ والتي لمْ تتغيرْ في الخليجِ لآلافِ السنين وكتبتُ رسالةً عنها. كانتْ هذه الرسالةُ الحافزَ الذي نقلني من الأنثروبولوجيا (علم الانسان) إلى علمِ الآثارِ

  • ما الذي شجعكِ على دراسةِ التاريخِ؟

أظنُّ أنَّ التاريخَ بشكلٍ عامٍ يشدُّ أيَّ إنسانٍ، فالتاريخُ عنصرُ جذبٍ في الحضارةِ الإنسانيةِ بشكلٍ عام، ولاحظوا أنَّنِي لمْ أقلْ: الحضارةُ العربيةُ أو الحضارةُ الغربيةُ، ولكنْ الحضارةُ الإنسانيةُ، فالكثيرُ من الناسِ حولَ العالمِ يحبون قراءةَ القصصِ التاريخيةِ وخصوصًا التي لها فائدةٌ وموعظةٌ مهمةٌ يطبقونها على حياتِهم أؤمنُ بأنَّ تاريخَ الحضاراتِ هي من الأمورِ المهمةِ التي يجبُ علينا تعليمَ أطفالِنا… عندما يتعلمُ الطفلُ عن الحضاراتِ التاريخيةِ والحقبِ الزمنيةِ مهما كان ميولُه العلمي سيتفوقُ فيه. لهذا السببُ أحبُّ أنْ أغرسَ في أطفالِنا حبَّ التاريخِ وحبَّ الاطلاعِ على الحقبِ الزمنيةِ و الأستفادة منها

  • كيف انتقلتِ من مرحلةِ الدكتوراه إلى العملِ في متاحفِ قطرَ؟

بعد حصولي على الدكتوراه وعودتي الى جامعتي الأم، جامعة قطر اقترحتُ إنشاءِ منهجٍ دراسي للتاريخِ الأثري في دولِ الخليجِ بهدفِ التركيزِ على الحضاراتِ التي استقرتْ في الخليجِ ومساهماتِها الإنسانيةِ… وللهِ الحمدُ تمت الموافقةُ عليه، وقد درّست في جامعةِ قطرِ بعد ذلك سمعتُ عن متحفِ قطرَ الوطنِي والذي كان يفقدُ بصمةَ العلماءِ القطريينَ المثقفين في تاريخِ قطرَ العريق، ولا شك إنَّ الحياةَ الاجتماعية في قطرَ فريدةٌ من نوعِها، لمْ نملكْ مزارعَ كبيرةً ولكنْ نملك البحر الواسع كانتْ حياتُنا قائمةً على الثنائيةِ البريةِ والبحريةِ وكنَّا نستفيدُ من ألبانِ ولحومِ وجلودِ الحيواناتِ هذا بالأضافة الى ماوفره البحر الغني بالخيرات فقطر تقع قرب أشهر مغاصات( هيرات) اللؤلؤ وشواطها تنتج كميات غزيرة من الأسماك ومحاملها وسفنها التجارية تصل الى الهند شرقاً وشرق افريقيا غرباً. لذلك السببُ اعتبرتُ انتقالي إلى متاحفِ قطرَ للتطبيق العملي لدراسةِ التاريخِ من الناحيةِ الآثريةِ والاجتماعيةِ واجبًا وطنيًا ولكنَّنِي لمْ أنقطعْ عن جامعةِ قطرَ، منْ المهمِ أنْ تكونَ هناك صلةٌ بين المؤسساتِ الأكاديميةِ والمتاحفِ في الدولِ، فهمْ ممثلون مهمون لعمليةِ الأستمرار في البحثِ الأكاديمي

  • هلْ واجهتِ أيَّ تحدياتٍ في رحلتكِ؟

نعم، واجهتُ بعضَ التحدياتِ في البدايةِ في مرحلةِ دراستي في الغربةِ ولكنَّها مرتْ على خيرٍ وللهِ الحمدُ. تعلمتُ من خلال هذه التحدياتِ عدمَ التسرعِ والإيمانَ بما كتبهُ اللهُ لنا… (ليس كلُّ ما يتمناه المرءُ يدركهُ تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ). نحنُ دائمًا نتطلعُ إلى الحصولِ على الأفضلِ والأحسنِ ولكنْ يجبُّ أنْ نركزَ على إيجابياتِ ما نملكهُ والتطورِ فيه معظمُ التحدياتِ التي أواجهُهُا الآنَ تتعلقُ بكيفيةِ تطبيقِ دراستي لتحسينِ المجتمعِ، فقد حاولتُ أنْ أشاركِ في تطويرِ المناهجِ الدراسيةِ من خلال لجنةٍ أُسستها وزارة التربية والتعليم العالي بهدفِ إعطاءِ العلماءِ والمتخصصينَ فرصةَ المساهمةِ في المناهج الدراسيةِ، ولكنْ لمْ تستمرْ هذه اللجنةُ

  • ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

 أنصحُهنَّ بالسعي وراءَ المجالاتِ التي تهمهنَّ ويحبونها عن طريقِ التعمقِ في القراءةِ عنها و الإبداع فيها بالنسبةِ للتاريخِ الأثريِّ في قطرَ فهو يفقدُ بصمةَ الاستمراريةِ، وللحصولِ على نتائجَ قيمةٍ لأيِّ موقعٍ أثريٍّ لا بد أنْ ندرسَهُ لمدةٍ لا تقلُ عن خمسِ سنواتٍ بهدفِ الكشفِ على الطبقاتِ الأثريةِ التي حجبتها السنون. أغلبُ الدراساتِ الأثرية في قطرَ لا تستمرُ لأكثرَ من سنةٍ أو سنتين. فآمل أنْ يُعطي الجيلُ الجديدُ اهتمامًا أكثرَ للمواقعِ الأثريةِ في قطرَ

 

مقابلات ذات صلة

فاطمة النعيمي

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR
Scroll to Top