مها عبدالرضا فلامرزي

لاعبة تنس طاولة

ومهندسة كهرباء

يتطلب الاحتراف في الرياضة العزيمة والإصرار على التدريب المستمر، والقدرة على تجاوز الخسارات والنقد غير البناء، خاصة وأن الرياضي المحترف نجاحاته وخساراته موثقة للجميع، ولكن يظل خلف اللاعب إنسانًا له إنجازات أخرى خارج الملعب، وفي هذه المقابلة، سنتعرف على مها عبد الرضا فلامرزي، لاعبة منتخب قطر لتنس الطاولة، ومهندسة كهربائية، وصاحبة مشاريع تجارية مختلفة، والتي بدأت مسيرتها في الرياضة كهواية، لتستمر فيها كمحترفة تشارك في البطولات العالمية، فمن هي مها عبد الرضا فلامرزي؟

أنا لاعبة تنس طاولة لمنتخب قطر الوطني، وأمارس هذه الرياضة منذ 17 سنة، أما من الناحية العلمية، فأنا خريجة جامعة قطر، بشهادة في الهندسة الكهربائية، وأعمل حاليًا كمهندسة كهربائية في شركة قطر ألمنيوم (كاتلوم)، وأمتلك مشاريع تجارية عديدة، وقد كنتُ أرغب في التركيز على مساري الرياضي فقط، واستثمار كل وقتي وجهدي في رياضة تنس الطاولة، ولكن أصرّا والديّ على أن أكمل دراستي، وأن أحصل على شهادة علمية، كما أنني أعتقد أنه من الأفضل لو تابع الرياضيّ تعليمه بالإضافة إلى احترافه في الرياضة، لأنني لا أعتقد أنه بإمكان الشخص في قطر أن يجعل ما يمارسه كلاعب محترف عمله الوحيد، خاصةً كامرأة قطرية، قد يكون الاحتراف أسهل في دول أخرى.  

ما الذي جذبكِ إلى رياضة تنس الطاولة؟

كنتُ ألعب رياضة التنس الأرضي مع أمي وخالتي، وعندما كنتُ في المدرسة، قامت المدرسة بإنشاء فريق لتنس الطاولة، فقمتُ بتجربتها، وأعجبتني جدًا، كما شعرتُ بأن لعب تنس الطاولة أسهل من التنس الأرضي، لأن التنس الأرضي يحتاج إلى طاقة أكبر، بالإضافة إلى كونها رياضة تلعب في ملعب خارجي، فيكون اللاعب معرض للطقس، مما يزيد من صعوبة التنس الأرضي، وكنتُ أرى ممارستي لتنس الطاولة هواية لا أكثر، ولم أفكر في الاحتراف إلا بعد ممارستي لها لـ5 أو 6 سنوات، خاصةً بعد فوزنا في إحدى البطولات الخليجية، ودفعني هذا الفوز إلى قرار الاحتراف في تنس الطاولة.

أخبرينا عن تدريبك كلاعبة محترفة في تنس الطاولة. 

الحمد لله، كل المرافق والتسهيلات التي نحتاجها للتدريب متوفرة في قطر، لكن في البداية، واجهنا بعض الصعوبات مع المدربة، لأن مستوى لعبها جيد، لكن ليس بمستوى الاحتراف، والحمد لله، تم تغيير المدربة فيما بعد، والمدربة الجديدة كان مستواها عالي جدًا، وكانت عالمة بأحدث التقنيات وطرق اللعب، وخبرتها سهلت لنا التدريب، أما الفريق نفسه، فهو مكون من خمس لاعبات، نتدرب فيما بيننا، وأحيانًا نتدرب مع فريق الشباب المكون من لاعبين أصغر منا وعندما بدأنا في تحقيق الإنجازات والفوز، أصبحنا نشترك كل صيف في معسكرات داخلية وخارجية، ونتدرب مع لاعبات من دول مختلفة، وفي أغلب الأحيان، كنا نسافر إلى الصين لامتلاكهم أكاديمية متخصصة في تنس الطاولة، وتحتوي الأكاديمية على فندق ومطعم وكل المرافق التي قد نحتاجها، والمشاركة في تدريبات الأكاديمية ساعدتنا كثيرًا، وقد يجهل الكثير من الناس أن رياضة تنس الطاولة تعتمد على التدريبات اليومية، والاحتكاك اليومي بين اللاعبين، فإذا توقفتُ عن التمرين لمدة شهر، فيسوء لعبي وحركات مضربي، أي سيخف شعوري العفوي في اللعب، لأن التدريب المستمر يجعلكِ تلعبين ببراعة تلقائيًا، ولذلك يجب على لاعب تنس الطاولة أن يتدرب يوميًا، وحتى مرتين في اليوم في بعض الأحيان.

 

كيف كانت تجربتكِ مع البطولات؟

 

كل بطولة شاركتُ فيها كانت لها طعمها الخاص، ويعتمد هذا الطعم يكون على البطولة، وعلى الدولة التي كانت تستضيف البطولة، فبطولات الخليج مثلاً، تشكل تحديّ خاص، لأن مستوى اللاعبات يكون متقارب، والحمد لله، مشاركتنا في بطولات الخليج كانت دائمًا ناجحة، فإما نفوز بالمركز الأول، أو بالمركز الثاني، ولكن تختلف التجربة في بطولة العرب، لأن مستوى اللاعبات عالي جدًا، وتتصدر لاعبات مصر من ناحية المستوى، بالإضافة إلى لاعبات الجزائر والتونس في بداياتنا، لم نكن نفوز بالمراكز العالية، فمثلاً، كنا نفوز بالمركز الرابع، ولكن مع مرور الوقت، ومع التدريب المستمر، أصبحنا نفوز بالمركز الثالث أو الثاني، ومن الذكريات التي لن أنساها أبدًا، هي مشاركتنا في دورة الألعاب العربية عام 2011 م، لأنها كانت المرة الأولى التي أفوز فيها بإنجاز عربي، ففزنا لأول مرة بالمركز الثاني في الزوجي مع زميلتي آية مجدي، وطعم هذا الفوز كان مختلف، لأنها كانت بطولة عربية تستضيفها قطر وفي عام 2016 م، شاركتُ في مباريات فردية على المستوى العربي، وكنتُ لأول مرة أصل إلى النهائيات، فكان شعورًا مختلفًا، ولم يكن يهمني الفوز، لأن الوصول إلى النهائي بحد ذاته كان إنجازًا كبيرًا بالنسبة لي، كنتُ أريد فقط أن أصل إلى النهائي، صحيح أنني خسرتُ في تلك المباراة، إلا أنها كانت نقطة تحول بالنسبة لي، ولكن الوصول إلى النهائيات في البطولات الآسيوية والعالمية صعب جدًا، لأن اللاعبين الآسيويين والأوربيين يكرسون كل حياتهم لرياضتهم، فيشاركون في مباريات كثيرة، ويملكون خبرة أكبر.

Maha Abdulridha Falamarzi

هل واجهتِ أي تحديات في رحلتك؟

من أكبر التحديات التي أواجهها هو تنسيق وإدارة وقتي، فيمر عليّ لحظات أشعر فيها بالتوتر لكثرة مهامي، حتى لو كانت مهام بسيطة، وهناك تحدي آخر كنتُ أواجهه أيام دراستي الجامعية، وهو السفر للبطولات الخارجية، لأن الجامعة لم تكن تدعمني، فلكي أحصل على إجازة، كان لابد عليّ المرور بكل أستاذ لأطلب الإذن منه، ولابد عليّ أن أشرح لكل واحد منهم ضرورة سفري، وحتى عندما كانوا يسمحون لي بالسفر، كانوا يقولون أن ما سيفوتني من دروس، سيكون على مسؤوليتي الخاصة، كما أنهم كانوا يحسبون إجازة السفر من ضمن عدد الأيام المسموحة للغياب، لكن الحمد لله، الوضع مختلف تمامًا في عملي، لأنهم يتفهمون طبيعة عملي كرياضية، وعندما أحتاج إلى السفر، لا يحسبون تلك الإجازة من عدد الأيام المسموحة لي بالغياب، وكل ما يحتاجونه هو رسالة رسمية توضح سبب السفر، ومن التحديات التي أواجهها كلاعبة تنس طاولة، هي قلة الاحتكاك، والتدريب مع مختلف المستويات، ولكن الحصول على فرصة الاحتكاك يتطلب احضار لاعبين من الخارج، والوضع الحالي لا يسمح بذلك، لكن الحمد لله، رغم وجود مثل هذا التحدي، إلا أننا قادرون على الإنجاز بالاستفادة مما لدينا.  

أخبرينا عن مشاريعكِ التجارية.

أول مشروع بدأتُ العمل عليه هو توفير معدات الألعاب الإلكترونية، وتوفير منتجات شركة ديزني، والمشروع مشترك بيني وبين صديقتي، والسبب وراء بدء هذا المشروع هو حبنا لنفس هذه المنتجات، فقررنا أن نستوردها إلى قطر، وأن نبيعها كمزود ثالث، ولكننا لا نركز على هذا المشروع حاليًا، والمشروع الآخر الذي قمنا أنا وشريكتي بفتحه، هو مشروع متخصص في المشروبات والقهوة، اسمه: (ثيرد فايب)، وهو مشروع منزلي نقوم حاليًا بتطويره، وقد فكرنا في افتتاح كافيه خاص بمشروعنا في عام 2019 م، ولكن شعرنا بأن الوقت غير مناسب، وعالي الخطورة بسبب زيادة محلات القهوة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الإيجار، ولم نرغب في فتح كافيه سيخسر من البداية، والمشروع يقدم مشروبات فريدة من نوعها، والحمد لله، ما زلنا مستمرين فيه، لأنه مشروع ناجح، والمشروع موجود حاليًا على تطبيق طلبات ورفيق.

 

ذكرتِ أنه كانت هناك نقطة تحول في حياتك، حدثينا عنها.

 كنتُ أعاني من العصبية والغضب، لأنني كنتُ أغضب كثيرًا خلال المباريات فقط، وليس في الحياة اليومية، ولعبة تنس طاولة رياضة قد تثير الشخص وتغضبه، لأن أبسط تغيير خلال اللعبة قد يؤدي إلى خسارتك للنقاط، لدرجة أنه يجب عليك التركيز على الكرة، وطريقة دورانها، لأن طريقة دوران الكرة يختلف من كرة لأخرى، وفي بداياتي كرياضية، كنتُ أغضب كثيرًا، لدرجة أنني كنتُ أقوم بكسر الأشياء، وهذا تصرف أخجل منه الآن، وحدث أنني كنتُ في بطولة عالمية، وخسرتُ المباراة، وبسبب غضبي الشديد، قمتُ بحذف زجاجة الماء، وفيما بعد، زارتني امرأة من المسؤولين في البطولة، وقالت لي - بدون مقدمات - أن اللاعب المحترف لا يتصرف بهذا الشكل، ولم تزد على ذلك، صحيح أن الجملة كانت بسيطة، إلا أنها أثرت فيني تأثيرًا بالغًا، ودفعتني لأفكر في تصرفاتي، وكانت نقطة تحول مهمة لي كلاعبة محترفة، وبعدها بدأتُ العمل للسيطرة على غضبي، وأرى أنه لا داعي للعصبية في حالة الخسارة، لأن كل منافسة فيها فوز وخسارة، والخسارة ليست نهاية المطاف، لأنه سيكون هناك فرصًا أخرى دائمًا.

هل أثرت فيكِ ممارسة الرياضة؟ 

كان للرياضة تأثير كبير على شخصيتي، خاصة بسبب السفر، والتعامل مع لاعبين من دول أخرى، لأنني تعلمتُ عن الثقافات المختلفة، وطرق التعامل مع الآخرين، وأنا الطفلة الوحيدة في عائلتي، مما جعلني انطوائية، ولكن من خلال وجودي في مجال الرياضة، قمتُ بالتعامل مع أشخاص من أعمار مختلفة، ومسؤولين، ورياضيين، ومشاهير، فساعدني كل هذا على تحسين وتقوية شخصيتي وأسلوبي في الحديث، كما جعلني أرى الحياة من منظور مختلف، وأثرت في طموحاتي وتطلعاتي في الحياة. 

 

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

كوني على طبيعتك، ولا تتأثري بحديث الناس أو من انتقاداتهم، وشاركي في المجال الذي تحبينه، حتى لو رأى المجتمع أنه مجالاً لا يصلح للنساء، وافعلي كل ما تريدينه، حتى لو شعرت بأن الوقت فاتك للقيام به، قومي به علي أي حال، لأنك قد تكونين أكثر خبرة الآن، وبالتالي ستكونين أنجح في إنجاز ما تريدين.

 

مقابلات مشابهة

Reem Ghanem Al Sharshani

ريم غانم الشرشني

في عام 2021م شارك المنتخب القطري للرماية في منافسات بطولة كأس العالم للرماية، والتي أقيمت في العاصمة الهندية نيودلهي، وبعد منافسات قوية، حقق المنتخب القطري البرونزية في مسابقة السكيت عن طريق الثنائي ريم غانم الشرشني وراشد صالح. وفي هذه المقابلة نتحدث إلى الرامية ريم غانم الشرشني، لتحدثنا عن حبها المستمر للرياضة، وعن رحلتها كرامية.

إقرأ المزيد
Mariam Farid

مريم فريد

المرأة القطرية تظل أقل وجودًا في المشهد الرياضي مقارنة بالرجل، ولذلك أخذت اللاعبات القطريات مسؤولية تغيير هذا الواقع، ليتحدين المفاهيم الرياضية السائدة في المجتمع، ومن هؤلاء العداءة البطلة مريم فريد، والتي أثبتت بنجاحاتها أن المرأة المسلمة، والقطرية، قادرة على المنافسة في المحافل الرياضية العالمية، وأن تتفوق فيها، وتنجز كل ذلك وهي ترتدي الحجاب

إقرأ المزيد

كاتبة المقابلة والمترجمة: فاطمة أحمد

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR
Scroll to Top