توجد في العالم الأكاديمي القطري أبحاث قيمة تلعب دوراً مهماً في تطوير البنية الاجتماعية والمؤسسية وتمكن دولة قطر من التطور والنمو في مختلف المجالات. فالدكتورة كلثم علي الغانم هي إحدى الباحثات القطريات التي ساهمت في إحداث تطوير الواقع الاجتماعي والإنساني للأفضل عبر بحوثها والتقارير التي قامت بإعدادها و ساهمت أيضاً في توثيق تاريخ قطر الاجتماعي. فمن هي الدكتورة كلثم؟
كباحثة في العلوم الاجتماعية شاركت وقمت بالعديد من البحوث معظمها على مستوى المجتمع، في البداية ركزت على البنية الاجتماعية ثم تدريجيا تشكلت اهتماماتي البحثية وتوجهت نحو الموضوعات التي وجدت انها تلبي احتياجات الوطن مثل التنمية البشرية والتنمية المستدامة، موضوع تمكين المرأة، المشكلات الأسرية والتغير الاجتماعي والثقافي وموضوع الهوية، ولدي اهتمام كبير بمواضيع التنمية الاجتماعية، مشكلات الشباب والسكان والهجرة والعمالة الوافدة. وفي معظم أبحاثي عن المجتمع والظروف المحيطة أحاول أن أختار مشكلة معينة يمكن أن تؤدي دراستها إلى تطبيقات عملية والتوصية بحلول معينة تساعد المجتمع على حل مشكلاته وتدعم مسيرة التنمية فيه عملت في جامعة قطر بدايةً في مركز الدراسات الوثائقية والإنسانية حتى عام 1994، ثم كعضو في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر منذ 1995، ومن خلال اللجان والمهام التي توليتها، حاولت تسخير معرفتي وأبحاثي لدعم الجهود التنموية ومعالجة التحديات الاجتماعية. وقد شاركت في إعداد وثيقة تأسيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، مركز الاستشارات العائلية، مركز دعم الصحة السلوكية، مركز التأهيل الاجتماعي، وجائزة الدولة لأدب الطفل واخيرا تأسيس ملتقى قلم المرأة القطرية. ترأست مجلس إدارة مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (2010-2013) وترأست مجلس أمناء جائزة الدولة لأدب الطفل (2006-2017) ثم في عضو مجلس ادارة مركز قطر للهوية والتراث (2010-2012 ) وعضو مجلس إدارة مؤسسة قطر للعمل الاجتماعي (2013-2016) ومن ثم نائب رئيس مجلس الإدارة منذ 2017 شاركت أيضاً في إعداد خطط استراتيجية للعديد من المنظمات الحكومية مثل استراتيجية وزارة الثقافة (2011-2016) واستراتيجية مركز قطر للتراث والهوية، استراتيجية مركز التأهيل الاجتماعي، استراتيجية تمكين المرأة، استراتيجية الشباب، استراتيجية مركز النهوض باللغة العربية. كنت أيضاً المحرر والباحث الرئيسي لتقرير التنمية البشرية الأول لدولة قطر، وشاركت في اعداد تقرير التنمية البشرية الرابع ، كما كنت المراجع لتقرير المعرفة العربي الثاني والثالث، واستخدمت معرفتي لمعالجة الثغرات التي خلصت إليها الدراسات ن خلال الحلقات الدراسية التي تهدف إلى تثقيف المواطنين القطريين والمقيمين على حد سواء بشأن القضايا المهمة، ونشرت 20 بحثا في مجلات علمية محكمة، والفت ثلاث كتب اكاديمية، بالإضافة الى كتب في مجال الثقافة والتراث، كما قدمت العديد من الأوراق العلمية والعروض في المؤتمرات العلمية الدولية والإقليمية والمحلية المتخصصة في المواضيع والقضايا الاجتماعية والتنموية
ما الذي أعجبكِ في الدراسات الاجتماعية والإنسانية ومن الذي شجعكِ على القيام بتلك البحوث؟
في الحقيقة لم تكن الدراسات الاجتماعية هدفي الأول، كنت أرغب أن أدخل تخصص التخطيط والتنمية، لكن لم يكن التخصص متوفر عند دخولي للجامعة. لذلك توجهت إلى قسم علم الاجتماع الذي كان قسماً جديداً في ذاك الوقت، وبعد أن تخصصت في هذا العلم قمت بتطبيق ما تعلمته في دراسات التنمية واستكشاف أثر مشاريع التنمية على الجانب الاجتماعي-الثقافي. وبما أننا نواجه تغييرات سريعة، فقد كنت مهتمة بمراقبة هذه التغييرات وتقييم آثارها وكشف التحديات التي تواجهها الأسرة والشباب والمجتمع
هل من الممكن أن تتحدثي عن بعض الأبحاث التي قمتِ بها؟
لدي ثلاث مسارات بحثية: المسار الأول يشمل البحوث الاجتماعية والسلوكية وفي مجال القيم. ففي هذا المسار تركزت دراستي على موضوع العلاقات الزوجية وظاهرة الطلاق وبناء على التوصيات التي وردت في دراستي حول الطلاق تأسس مركز الاستشارات العائلية ، كما درست مشكلة العنف الأسري في قطر، فطبقت أربع دراسات، ثلاث منها كانت برعاية المجلس الأعلى لشؤون الأسرة منهم دراسة "العنف الأسري" ودراسة "العنف ضد المتزوجات" ، وكلهم عبارة عن دراسات مسحية (العينات تزيد عن الألف مشارك). وقبل ذلك قمت بأول دراسة في قطر عن العنف ضد المرأة في سنة ٢٠٠٦ ونشرتها في ٢٠٠٩، طبقت هذه الدراسة على ٢٧٠٠ طالبة في جامعة قطر وأظهرت النتائج أن هناك عدد من الطالبات تعرضن إلى العنف في صغرهن أو حاليا ، وتعددت مصادر العنف من أفراد الأسرة أو من الزوج أو من الأقارب
المسار الثاني للبحوث الذي اهتممت به هو في مجال الثقافة والموروث الشعبي. وفي هذا المجال قمت بعدة بحوث منها دراسة ضخمة عن الاحتفالات الجماعية في عصر الغوص على اللؤلؤ، وهناك أيضاً بحث عن احتفالات دق وطحن الحبوب الموسمية، كما قمت بجمع وتدوين أغاني الطفولة ، وجمع وتحليل الأساطير في التراث الشعبي القطري، وجمع وتدوين الأغاني التقليدية ( أغاني المرادة ، أغاني عن بعض الظواهر الكونية والبيئية الخسوف، النجوم إلخ.). واستطعت أيضاً أن أجمع سبع أساطير رئيسية، وهذه الأساطير تعبر عن الحالة الاجتماعية في السابق وعن رمزيات ثقافية ودينية واقتصادية، منها أسطورة بنات نعش وأسطورة بنت النوخذة (الفتاة التي تحولت إلى سمكة). معظم هذه الأساطير ظهرت بسبب البيئة البحرية التي كان يعيشها الناس في السابق، فهي انعكاس لطبيعة حياتهم. ومن الموضوعات التي اهتممت بها أيضاً أغاني العمل، لكن لم أنشرها بعد، وهذا البحث يتمحور حول العلاقة بين الإنسان والعمل في السابق من منظور ثقافي اجتماعي اقتصادي وتحليلها عبر تلك الأغاني (هناك أغاني عن صنع القهوة، ومناداة الجمل لشرب الماء، وسحب الماء من العين والعمل على أثناء الغوص على اللؤلؤ). للأسف الجيل الجديد لا يعلم شيئا عن هذا التراث والتاريخ المرتبط به، ولا يعلم الكثير عن تراثه الثري ومنتجه الخاص وإرثه الذي يجب ان يحافظ عليه ومشاركته مع الغير
لدي ثلاث مسارات بحثية: المسار الأول يشمل البحوث الاجتماعية والسلوكية وفي مجال القيم. ففي هذا المسار تركزت دراستي على موضوع العلاقات الزوجية وظاهرة الطلاق وبناء على التوصيات التي وردت في دراستي حول الطلاق تأسس مركز الاستشارات العائلية ، كما درست مشكلة العنف الأسري في قطر، فطبقت أربع دراسات، ثلاث منها كانت برعاية المجلس الأعلى لشؤون الأسرة منهم دراسة "العنف الأسري" ودراسة "العنف ضد المتزوجات" ، وكلهم عبارة عن دراسات مسحية (العينات تزيد عن الألف مشارك). وقبل ذلك قمت بأول دراسة في قطر عن العنف ضد المرأة في سنة ٢٠٠٦ ونشرتها في ٢٠٠٩، طبقت هذه الدراسة على ٢٧٠٠ طالبة في جامعة قطر وأظهرت النتائج أن هناك عدد من الطالبات تعرضن إلى العنف في صغرهن أو حاليا ، وتعددت مصادر العنف من أفراد الأسرة أو من الزوج أو من الأقارب
المسار الثاني للبحوث الذي اهتممت به هو في مجال الثقافة والموروث الشعبي. وفي هذا المجال قمت بعدة بحوث منها دراسة ضخمة عن الاحتفالات الجماعية في عصر الغوص على اللؤلؤ، وهناك أيضاً بحث عن احتفالات دق وطحن الحبوب الموسمية، كما قمت بجمع وتدوين أغاني الطفولة ، وجمع وتحليل الأساطير في التراث الشعبي القطري، وجمع وتدوين الأغاني التقليدية ( أغاني المرادة ، أغاني عن بعض الظواهر الكونية والبيئية الخسوف، النجوم إلخ.). واستطعت أيضاً أن أجمع سبع أساطير رئيسية، وهذه الأساطير تعبر عن الحالة الاجتماعية في السابق وعن رمزيات ثقافية ودينية واقتصادية، منها أسطورة بنات نعش وأسطورة بنت النوخذة (الفتاة التي تحولت إلى سمكة). معظم هذه الأساطير ظهرت بسبب البيئة البحرية التي كان يعيشها الناس في السابق، فهي انعكاس لطبيعة حياتهم. ومن الموضوعات التي اهتممت بها أيضاً أغاني العمل، لكن لم أنشرها بعد، وهذا البحث يتمحور حول العلاقة بين الإنسان والعمل في السابق من منظور ثقافي اجتماعي اقتصادي وتحليلها عبر تلك الأغاني (هناك أغاني عن صنع القهوة، ومناداة الجمل لشرب الماء، وسحب الماء من العين والعمل على أثناء الغوص على اللؤلؤ). للأسف الجيل الجديد لا يعلم شيئا عن هذا التراث والتاريخ المرتبط به، ولا يعلم الكثير عن تراثه الثري ومنتجه الخاص وإرثه الذي يجب ان يحافظ عليه ومشاركته مع الغير
وكان هدفي الأساسي تدوين وتوثيق هذا التراث قبل أن ينتهي ويندثر. فكان جمع وتوثيق هذا التراث مهم جدا بالنسبة لي بهدف حفظ التاريخ الثقافي، لأنني أدركت قيمة الحفاظ على هذا التاريخ الشفوي للمستقبل، فإذا لم يتم توثيقه سيضيع جزء كبير من تراثنا. وبما أن الثقافة القطرية الحالية رسمت في ظل تداخل وتمازج الثقافات المجاورة بثقافتنا، فلهذا السبب لدى توثيقي للتراث القطري حرصت على أن أقابل نساء ورجال من أصول قطرية
مساري الثالث هو الكتابة الأدبية والقصصية: لقد كتبت مجموعة قصصية صغيرة نشرتها، ولدي روايتين لم أنتهي منهم بعد، ولدي ثلاث قصص للأطفال نشرتها غصون أخت الغزال، حمدة و فسيكرة، والسلحفاة الشجاعة، وكتبت قصيدة نثرية طويلة عن ملحمة ميّ وغيلان : قصة اختراع المجدف والشراع في الثقافة المحلية
كيف قمتِ بتلك الأبحاث ؟
في دراستي عن الأغاني التراثية والحكايات تقابلت مع نساء ورجال كبار في السن (تتراوح أعمارهم ما بين الستينات والتسعينات) لأسجل هذه الأغاني الشعبية و تراثهم الثقافي ، وسجلت تلك المحادثات وحفظتها في أشرطة. جزء من هذه الأشرطة كان محفوظا في مركز التراث الشعبي الخليجي (الذي اُغلق) وجزء آخر كان محفوظًا عندي. للأسف بسبب الحفظ الغير سليم تدمرت بعض هذه الأشرطة، لكن بمساعدة اللجنة المنظمة للعيد الوطني تمت معالجتها تكنولوجيا واستطعنا استرجاع الصوت، أما التسجيلات الحديثة فقد تم حفظها بصورة جيدة. معظم هذا التسجيلات تمت كتابتها وحفظها في ملفات إلكترونية
هل المواضيع التي قمتِ بدراستها في أبحاث تقع في اهتماماتكِ الشخصية أم هل كانت لتلبية الواجب؟
بالطبع كانت المواضيع نتيجة اهتمامي بقضايا التنمية في المجتمع، وقد عرضتها في العديد من المؤتمرات ونشرت بعض الأوراق البحثية منها والتي ساهمت في حصولي على درجة أستاذ في العلوم الاجتماعية، وقد كان لها تأثير مباشر في تعديل بعض السياسات والخدمات الاجتماعية وفي طريقة مواجهة المشكلات التي تواجه المجتمع، وسوف أحاول في المستقبل أن أركز أكثر على العلاقة بين البحوث والتطبيقات العملية لتحسين الواقع
ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟
نصيحتي هي ان تهتم الشابات القطريات بالبحث في المجال الاجتماعي والثقافي ، والاهتمام بتدوين التراث والمساهمة في حفظه. واقول لهم ان طريق الإبداع امامهن مفتوح في كل المجالات فليساهمن في نهضة وطنها
- كاتبة المقابلة: العنود الكواري.
- تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.