أحلام سالم المانع

الرئيسة السابقة

للجنة رياضة المرأة القطرية


تشاركُ المنتخباتُ النسائيةُ القطريةُ في الكثيرِ من البطولاتِ الرياضيةِ العالميةِ،وقد تُوجتْ هذه الأفرقةُ لمهارتِها الرياضيةِ واحترافيتِها على المستوى الخليجيِّ والعربيِّ ولكن لمْ تكنْ هذه المنتخباتُ النسائيةُ على الساحة الرياضية لفترةٍ طويلةٍ. فما هي الرحلةُ التي أدتْ إلى تطورِ هذه المنتخباتِ وصعودِها إلى البطولاتِ العالمية؟ بصفتها رئيسةِ ِلجنة رياضة المرأة القطرية سابقاً واستشاري صحةٍ وسلامةٍ في وزارةِ التعليمِ والتعليمِ العالي حاليًا، أدتْ السيدةُ أحلامُ سالمِ المانعُ دورًا كبيرًا في تطويرِ مجالِ رياضةِ المرأةِ في دولةِ قطرَ وبروزِ منتخباتِها وبطولاتِها على المستوى العالمي. فمن هي أحلامُ المانعُ؟             

Ahlam Al-Mana

أنا انسانةٌ طموحةٌ محبةٌ لبلادي. أحبُّ أنْ أخدمَ بلادي من خلالِ مجالي وخاصةً في الرياضةِ. عندما كنتُ صغيرةً لمْ تتحْ لي الفرصةُ أن أشاركَ في بطولاتٍ ومنافساتٍ لأمثلَ بلدَي. ولذلك كنتُ أنا من أولِ النساءِ الذين شعروا بالحماسِ والمثابرةِ للفرصةِ التي أتيحتْ لنا من خلالِ تطورِ رياضةِ المرأةِ في قطرَ من قبل سمو الشيخة موزا بنت ناصر خصوصًا أنني افتقدتُ هذه الفرصةِ في صغري وأردت أن أشاركَ في تقديمِها للفتياتِ القطرياتِ وأساعدهم في تمثيلِ بلادهِم من خلالِ البطولاتِ الرياضيةِ. أحبُّ أنْ أبرزَ كلَّ فتاةٍ طموحةٍ وأعطيها الفرصةَ لتبرزَ دورَها في المجتمعِ. علاوةً على ذلك أنا أمٌّ وربةُ منزلٍ             

كانت حصةُ الرياضةِ من الحصصِ المفضلةِ بالنسبةِ لي وكنتُ أشاركُ في تقديمِ عروضٍ رياضيةٍ في الاحتفالاتِ المدرسيةِ والوطنيةِ. ولحسنِ حظي فُتحَ قسمُ التربيةِ البدنيةِ في جامعةِ قطرَ مع تخرجي منْ الثانويةِ فنلتُ شهادةَ البكالوريوس في هذا المجالِ والتحقتُ بالتدريسِ بعد التخرجِ. بينما كنتُ متفوقةً في موادِ التربيةِ الرياضيةِ والبدنيةِ، وكان مدرساتي يتنبئن لي بالتميز في الجانبِ الإداري من التخصصِ. وبعد أنْ قضيتُ ١٢ سنةً في التدريسِ تمَّ تدشينُ لجنةِ رياضةِ المرأةِ وكنتُ أنا منْ أولِ تشكيلٍ فيها - بدأتُ كعضوِ مجلسِ الإدارةِ وتدرجتُ من مديرٍ مالي إلى أمينِ سرٍ إلى نائبِ رئيسٍ إلى رئيسِ  

هلْ ترين أثرَ عملَكِ في لجنةِ رياضةِ المرأةِ على الفتياتِ القطرياتِ؟             

 

نعم. نحنُ بدأنا من الصفرِ سنة ٢٠٠١ وكانتْ الأنشطةُ الرياضيةُ مقتصرةً على الأنشطةِ المدرسيةِ فقط. كلُّ فترةٍ تحتاجُ إلى الخطواتِ التي تتناسبُ مع وقتِها من الزمنِ، وفي ذلك الوقتِ لم يكنْ هناك نقصٌ في المواهبِ الرياضيةِ ولكن لمْ يسمحْ للكثيرِ من البناتِ أنْ ينضموا إلى نوادي رياضيةٍ وبطولاتٍ عالميةٍ، وبناءً على ذلك قررنا أنْ ندربَ الفتياتِ في المدارسِ نفسهِا في الفترةِ المسائيةِ نظرًا للأحوالِ الاجتماعيةِ. فعلاً كنا نواجه صعوباتِ ولكنْ الحمدُ لله اجتزناها وكان هناك إقبالٌ كبيرٌ من الفتياتِ القطرياتِ             

بعد أنْ أسسنا هذه الخطةَ التدريبيةَ كانتْ الخطوةُ الثانيةُ هي أنْ نفتحَ منتخباتٍ رياضيةٍ وأنْ نشاركَ في بطولاتٍ خارجيةٍ. كانت أولُ مشاركةٍ خارجيةٍ لنا قائمةً في إيرانَ سنة ٢٠٠٣ حيثُ شاركنا في كرةِ اليدِ والرمايةِ. لكي نحصلَ على موافقةِ أولياءِ الأمورِ ونطمئنهم على بناتهمِ كان نصفُ الفريقِ متكونًا من إدارياتٍ بهدفِ التأكيدِ من أمانتهِم. كما جمعنا أولياءِ الأمورِ وقدمنا لهم خطةً مفصلةً للرحلةِ. فعلاً كانت هذه عوائقَ صعبةً أمامَ نجاحِ اللجنةِ ولكن تخطيناها مع الوقتِ - ولله الحمد بعد أنْ حصلنا على هذا التقبلِ             

وتفوقت المنتخباتُ القطريةُ كانت الخطوةُ التاليةُ هي أنْ نشاركَ في بطولاتٍ مفتوحةٍ، مع العلمِ أنَّ اللاعباتِ محجباتٌ ويلعبنَ بلبسٍ محتشمٍ. لنمهدَ لذلك قمنا بدعوةِ أولياءِ الأمورِ إلى إحدى بطولاتِ كرةِ اليدِ في قطرَ في ٢٠٠٨ وكان لقاءً وديًا بين المنتخبِ القطريِّ والمنتخبِ الأردنيِّ. وجدتُ أنهُ كلما ندعو أولياءَ الأمورِ تحضرُ الأمُ فقط، ولذلك خصصتُ في هذه الدعوةِ بين قوسين "الأم والأب". إنَّ والدَ الكثيرِ من اللاعباتِ هو لاعبٌ أيضًا ولا بد أنهُ يرغبُ في رؤيةِ ابنتهِ في الملعبِ. بالإضافة إلى ذلك قمنا بدعوةِ مجموعٍِ من الإعلاميينَ بهدفِ الحصولِ على تغطيةِ إعلاميةِ لهذه البطولةِ. كما دعونا مدربًا محترفًا، وذلك بهدفِ التطويرِ من مستوى منتخبِ الدولةِ. إنها فعلاً كانت مجازفةً ولكنها مجازفةً في الطريقِ الصحيحِ وفي حدودِ تقبلِ المجتمعِ، ومع أخذِ موافقةِ المسؤولينَ، ولذلك كانت خطةً ناجحةً. يجب على منْ يتخذُ أيَّ قرارٍ أنْ يدافعَ عن هذا القرارِ أمام المنتقدينَ والمتسائلينَ وكنتُ أنا مستعدةً بحججٍ لدعمِ قراري - والحمد لله كان الجميعُ مسرورًا من مستوى البطولةِ   

هل واجهتِ أي تحديات في مسيرتك في لجنةِ رياضةِ المرأةِ؟            

 

 سوف أخبركُم عن إحدى المواقفَ التي مررنا بها في دورةِ الألعابِ الأسيويةِ حولَ الحجابِ. جميعُ البناتِ يرتدونَ لبسًا محتشمًا للبطولاتِ حتى ولو لم يكنَّ محجباتٍ، وذلك لأنهُ جزءٌ من الزيِّ الرياضيِّ. نحن متفوقينَ في الكثيرِ من الألعابِ وخصوصًا كرة الطاولةِ، وذلك لأنَّ أغلبَ الألعابِ لا تتطلبُ إزالةَ الحجابِ ولكنْ كانتْ الصعوبةُ في كرةِ السلةِ فكان يمنعُ ارتداءُ الحجابِ أثناءَ المباراةِ في الألعابِ الأسيويةِ. إنَّ ذلك ظلمٌ بالنسبةِ لنا، ولذلك أصررنا على تغييرِ نظرتهم حول ارتداء الحجاب. حيث تم استغلال وجود وسائلِ الإعلامِ الأجنبيةِ المقروءة والمسموعة الحاضرة المباراةِ وايصال الرسالة من خلال وسائل الاعلام عن مدى تأثر المحجبات من المنع في المشاركة في المنافسات الرياضية، انتهاكِ الحريةِ الشخصيةِ للمحجباتِ وفعلاً في يومِ المباراةِ خُير الفريقُ بين خلعِ الحجابِ أو اللعب ب 5لاعبات أو الانسحابِ. وبذلك أثار هذا الموقف الرأي العام مما أجبر الاتحاد الدولي من تغيير قوانيين المشاركة لوجود العديد من الفتيات المحجبات في العالم يعانيين من نفس المشكلة وتم تفاعلهم معنا، ونتيجةً لذلك سمح للبنات اللعب في إحدى بطولات كرةِ السلةِ الفرعيةِ وتأهلنا للبطولة العالمية فيها وكانت خطوةً مهمةً تجاهَ التطورِ            

بعد هذا الحدثِ بفترةٍ شاركتُ في مؤتمرِ في المغربِ يتمحورُ حولَ القانونِ الرياضيّ وتحدثتُ فيه عنْ مكانةِ المحجباتِ في العالمِ الرياضي. وخلال سنةٍ تغيرتْ اللائحةُ القانونيةُ وأصبحتُ البطولاتُ تسمحُ للمحجباتِ باللعبِ  

كيف أثرتْ عليكِ هذه التجاربُ شخصيًا ومهنيًا؟

تعلمتُ الصبرَ والتأنيَّ في اتخاذِ القرارِ وأهميةِ التخطيطِ قبل أنْ أنفذِ أيَّ خطةٍ أو فكرةٍ وأفادني هذا كثيرًا في حياتي العمليةِ. نصيحتي لكم هي أنْ تشاركن في أيَّ مؤتمراتٍ أو فرصٍ تنفتحُ لكن فتكسبن من خلالِها الخبرةَ والعلاقاتِ المهمةِ. كذلك اكتسبتُ الحبَّ لعملي ولزملائي            

 . من إ الشخصياتِ التي أذكرُها إحدى الزميلاتِ التي قدمتْ على وظيفةِ في اللجنةِ بالرغمِ من متطلباتِها الشاقةِ - كانت أوقاتُ العملِ طويلةً براتبٍ قليلٍ جدًا ولكن كانتْ هذه الفتاةُ شغوفةً بعملِها وطموحةً بأنْ تصلَ إلى منصبٍ تخدمُ بلادَها من خلالِه  

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

نحنُ لدينا هاجسُ الخوفِ والترددِ من ردةِ فعلِ الناسِ على أفكارنِا. نصيحتي لكنَّ هي أنْ تتركنَ هذا الخوفَ وأنْ تبادرنَ في إنجازِ أعمالكنَ. ويمكن أنْ تجدن ٩٠٪ معارضينَ و١٠٪ مؤيدينَ ولكن مع الأيامِ ستزدادُ نسبةُ المؤيدينَعند تطورِ عملكنَ. إنْ كانتْ لديكِ فكرةٌ لا تترددي في تنفيذِها على أرضِ الواقعِ، حتى ولو فشلتي أولَ مرةٍ ستنجحينَ مع الوقتِ وتصلينَ إلى ما تتمنينهُ سأختمُ بهذه التجربةِ القصيرةِ: في أيامِ عملي في لجنةِ رياضةِ المرأةِ كنا نحضرُ مؤتمرَ المرأةِ والرياضةِ السنويِّ وكانَ هذا المؤتمرُ يقعُ على مستوى العالمِ. كل سنةٍ في افتتاحِ المؤتمرِ كانت تُكرمُ أفضلُ النساءِ اللاتي خدمنَ رياضةَ المرأةِ بشكلٍ عامٍ. كانتْ تختارُ امرأةٌ على مستوى كلِّ قارةٍ وامرأةٌ على المستوى العالميِّ. أذكرُ أنَّنِي كنتُ أتفكرُ في جائزةِ مستوى آسيا وإمكانيةِ حصولِنا عليها بناءً على مدى جهدِنا وعملِنا طوالَ الليلِ والنهارِ، ولمْ أفكرْ حتى في الجائزةِ على مستوى العالم، ولكن في سنة ٢٠١٢ دُعيتُ لاستلامِ جائزةً ظنًا أنها الجائزةُ على مستوى قارةِ آسيا ولكن دُهشتُ وسُررتُ بمعرفةِ أننِي فزتُ على المستوى العالمي في بجائزةِ المرأةِ والرياضةِ في الإدارةِ الرياضيةِ. لا تُنسبُ هذه الجائزةُ إليّ أنا فقط ولكن لجميعِ منْ ساهمَ في نجاحِ منتخبِ المرأةِ القطريةِ. وكان هذا ختامًا من أجملِ المراحلِ التي مرتْ في حياتي

 

 
 
  • كاتبة المقابلة: فاطمة النعيمي.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR