نساء قطر

مريم محمد النعيمي

معلمة ومشرفة تربوية ومستشارة

إن مصدر ازدهار أي مجتمع يقع على نمو وتعلم أطفاله، فالأطفال هم مستقبل البلد وركيزته الأساسية. ويقوم ازدهار المجتمع على القيم والأخلاق التي غرست في هؤلاء الأطفال منذ الصغر. و لهذا السبب فإن ثروة أي مجتمع تقع على معلميه، وقد حرص ديننا الإسلامي على تأكيد أهمية المعلم ودوره في نمو المجتمع، فلنتعرف على إحدى الرائدات القطريات التي ساهمت في مجال التعليم وكان لها دور بارز فيه. س  فمن هي مريم محمد عبدالله النعيمي؟

انا من مواليد الدوحة سنة ١٩٦٠، ولدت في اسره متوسطة الحال وكنت أصغر الأبناء والبنات، تربيت على فضائل الأخلاق وتعلمت في مدارس دولتنا الحبيبة تخرجت في عام ١٩٧٨، وكنت متفوقة في دراساتي حيث أنني حصلت على المركز العاشر في الثانوية العامة، وكانت أطمح أن اصبح طبيبة أطفال، وعلى هذا الأساس ذهبت على بعثة دراسية إلى الرياض، التي من ثم تأخذني إلى دمشق، لدراسة الطب وتحقيق طموحي. أمضيت سنة ونصف في الغربة، ولكن لظروف أسرية وحاجة والدتي لتواجدي بجانبها اضطررت أن أعود إلى أرض الوطن ، وأن أبداء مسيرة جديدة لخدمة هذا البلد المعطاء في الواقع، كانت مهنة التعليم أخر مهنة كنت افكر بها أو أن اطمح أن أكون معلمة، ولكن للظروف التي حدثت في حياتي وجهتني إلى وزارة التربية والتعليم، وقدمت بطلب العمل فيها كمعلمة، حيث أنهم كانوا يرحبون بالقطريات للعمل في هذا المجال الي يزخر بالمعلمات الوافدات. توجهت إلى مدرسة الغرافة للبنات، وبحكم تخصصي العلمي اسند لي تدريس مادة الرياضيات للصف الرابع ومادة العلوم للصفين الخامس والسادس، ومن هنا بداء حبي لهذه المهنة. لم تتوقف طموحي عند حد العمل، إنما التحقت بجامعة قطر كلية التربية تخصص رياضيات/علوم للدراسة في الفترة المسائية، وهنا انقسم يومي بين العمل في الفترة الصباحية والدراسة في الفترة المسائية للحصول على دبلوم التربية لمدة ثلاثة سنوات، وخلال تلك الفترة تزوجت وأنجبت أول طفلة لي. قررت أن أكمل دراستي لنيل شهادة البكالوريوس في مجال الرياضيات والعلوم، وبالرغم من ضغوطات العمل وحياتي الأسرية، إلا إنني بذلت جهداً كبيراً بمساندة أمي الحبيبة -رحمها الله- وزوجي لاجتياز هذه الصعوبات، واستطعت أخذ ساعات إضافية في العصر والدراسة في فصل الصيف مما مكنني على إنهاء برنامج ثلاث سنين في سنتين، والحمد لله تخرجت في عام ١٩٨٧ بعد تخرجي واصلت العمل في مدرسة الغرافة لمدة تسع سنوات، ثم انتقلت إلى مدرسة أم صلال لقربها من سكني، وعملت فيها لمدة ثلاث سنوات ثم ترقيت إلى وظيفة موجهة مرحلية. وهنا أصبح لدي مهمة أعظم بعد أن كنت أوجه واربي طالبات صغيرات أصبحت أوجه وأدرب معلمات ومربيات هذا الجيل، فانخرطت في القراءة والاستزادة من أمور التربية وعمل الورش التربوية الموجهه لهذه الفئة، وعلى هذا الأساس تم اختياري مع زميلات لي للعمل في معهد التاهيل التربوي. في هذا المعهد كنا ندرب خريجات جامعة قطر الغير حاصلات على تربية، ونؤهلهن للتدريس، وامضيت في تلك الوظيفة ما يقارب سنة ،في عام ١٩٩٩ تم افتتاح مشروع المدارس العلمية ( البيان للبنات وعمر للبنين) بتوجيهات سموا الشيخة موزة، وفي نفس السنة تم أيضًا افتتاح مدارس علمية ابتدائية وسميت مدارس مطور(مدرستي موزه بنت محمد/ مدرسة جوعان). تم اختياري بعد مقابلات عدة من لجنة من وزارة التربية لأكون مشرفة تربوية للمناهج العلمية، وكانت وظيفتي كمشرفة تربوية في هذا المشروع صعبة في البداية، فقد كلفت بوضع مناهج الرياضيات والعلوم للمدارس، وكانت المناهج التي سُلِمت لنا باللغة الانجليزية، وبحكم أن دراستنا كانت باللغة العربية، كنا نسهر الليالي للعمل على ترجمة الكتب الانجليزية إلى العربية حتى نستطيع أن نفهمها ونؤلف مناهج انجليزية تتطابق معها وتم افتتاح المرحلة الابتدائية عام ٢٠٠٠، وداومت بين مدرستي موزه للبنات وجوعان للبنين لمدة سنتين، وكان التطور في كفاءة الطلاب واضح منذ البداية مما أثبت نجاح المشروع وأسعد سموا الشيخة موزة كثيراً. أدى هذا النجاح إلى توسعات عديدة في هذه المدارس المتطورة، فتم افتتاح مراحل ابتدائية عدة ووصل العدد إلى ستة مدارس (مدرستي عمر بن الخطاب الأولى والثانية ومدرستي البيان الأولى والثانية بالإضافة إلى موزه وجوعان) وبسبب ضغط الإشراف على هذا العدد من المدارس، طُرِحت فكرة فصلهم عن بعض، وتم إجبارنا طاقم العمل على إختيار مدرسة واحدة للعمل فيها عوضًا عن التنقل بينهم. اخترت أنا أن أبقى في مدرسة عمر بن الخطاب، وذلك لأنني أحببتها وأحببت طلابها. انتقلت فيها من منصب مديرة أكاديمية إلى مديرة إدارية لمدة أربع عشرة سنة، وبعد قضاء سبع وثلاثين سنة من العمل في أجل أقدس مهنة، فكرت في التقاعد لأبدا مرحلة جديدة من العمل في مجال أخر، لذا تقاعدت سنة ٢٠١٨  

 

  • ما هو أكثر شيء كنت تحبينه في المدرسة؟

كنت أحب معلماتي وطلابي كثيراً، أحببت معلماتي واعتبرتهم بناتي، وتعاملت معهم كأم توجه بناتها في عملهم بحب وحزم، لذا تميزت العديد منهن في عملهن وأبدعن في العطاء. أحببت طلابي حيث كنت أعاملهم وكأنهم أطفالي، وكنت أسعد كثيراً عندما أرى مدى تأثيري على حياتهم حتى بعد مرور السنين، فكنت أحضر حفلات تخرجهم من الثانوية العامة وأنا مديرة المرحلة الابتدائية… إنه شعور لا يوصف، مزيج من الفخر والسعادة  

 

  • ما الذي شجعكِ على فتح مشروعك الجديد “بيت الجدة”؟

كانت مرحلة تقاعدي من المدرسة صعبة جداً، وذلك لأنني عملت فيها لفترة طويلة، وكنت أحب الطلاب والمعلمات بشدة. ترددت كثيراً ولكنني كنت متأكدة أنه حان الوقت لفتح صفحة جديدة من حياتي، ولذلك قررت أن أفتح حضانة “بيت الجدة”. استقر قراري على هذا المشروع بحكم ملاحظتي لكثرة حالات التوحد التي كنا نراها في المدرسة، وانشغال الأهل في الكثير من الحالات عن الطفل الذي أدى إلى تربيتهم على أيدي العاملة المنزلية. سميت المشروع “بيت الجدة” استناداً لمكانة الجدة كمصدر أمان وحنان عند الطفل، والجدة أيضاً رمز لغرس القيم الأخلاقية الطيبة في أحفادها وذلك ما نهدف إليه. إن “بيت الجدة” هو مشروع تحت إدارة جدة قطرية تسعى لتربية الجيل الجديد من الأطفال من أعمار الشهرين إلى أربع سنوات، وهي حضانة بمنهج تركز على التعلم عن طريق اللعب، التي عبرها يتأهل الطفل لمرحلة التمهيدي عن طريق تعلم القاعدة النورانية واللغة الانجليزية والقرآن الكريم

 

  • ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

إن مجال التعليم هو من أهم المجالات التي يجب أن تهتم بها المرأة القطرية، فقد أصبحت أغلب المدارس تفقد وجود المعلمة القطرية. نصيحتي لهن أن يتوجهن لمجال التربية والتعليم، فالتعليم بإخلاص وذمة وضمير هو أساس نجاح ورقي الدول

مقابلات ذات صلة

فاطمة النعيمي

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR
Scroll to Top