حصة عبدالله العبدالله

المديرةُ السابقةُ لمجمع البيان التربوي للبنات

في قطرَ تتبعُ وزارةُ التعليمِ والتعليمِ العالي نموذجًا موحدًا للتعليمِ والمناهجِ المعتمدةِ وأساليبِ التدريسِ على أملِ المساواةِ بين كلِّ المدارسِ من ناحيةِ المخرجات والمحتوى، لكن في الوقت نفسهِ، تميزُ الوزارةُ أهميةَ التطويرِ والتغييرِ في مجالِ التعليمِ ليواكبَ التغيراتِ التكنولوجيةِ والثقافيةِ والتعليميةِ، وفي هذا الصددِ، منحتْ الوزارةُ بعضَ المدارسِ الحريةَ في خلقِ منهجِها وسياستِها الخاصةِ لاختبارِ نجاحِها ودراسةِ قابليةِ تطبيقِها على صعيدِ الدولةِ إحدى تلك المدارسِ هي مدارسُ مجمع البيانُ التربوي، التي تُعتبرُ من أقوى مدارسِ قطرَ وتمتلكُ سمعةً لا مثيلَ لها في مجالِ مبادراتِ التعليم حيثُ تُعتبرُ حجرً الأساسِ في مبادرةِ المدارسِ المستقلة، ويأتي السؤالُ ما السياسةُ والمنهجُ التي تتبعهُ مدارس مجمع البيان التربوي لتحقيقِ هذا المستوى من النجاح؟ السرُّ يوجدُ خلفَ الكواليس، وهو الكادر الإداري والتدريسي في هذه المدارس، بالأخصِ الأستاذةِ حصة العبدالله، المديرةُ السابقةُ لمجمع البيان التربوي للبنات منْ هي حصة العبدالله؟

منذ طفولتي تربيتُ على حسِّ القيادةِ وعلى حبِّ المعرفةِ والاستكشافِ، حيثُ إنَّ أمي رحمها اللهُ – ربتني على تحملِ المسؤوليةِ والعملِ الجادِ عبر إعطائِي مسؤوليةِ إدارةِ المنزلِ في فترِةِ إجازةِ الصيفِ، مما منحني حسًّا أكبرَ في الاهتمامِ بالآخرينَ. لا أقبلُ بالرأي الآخرَ إلا بعدَ تجربتِهِ شخصيًا، ودائمًا لا آخذُ بالأمثالَ والعبرَ حسب محتواها كموروثاتٍ بل أفكرُ فيها من منطلقِ تجربتي الشخصيةِ، وإذا لمْ أجدْ تطابقًا أحاولُ أنْ أخوضَ التجربةَ لأتعلمَ. أقولُ لنفسي دائمًا: إنَّ خبرةَ الإنسانِ تحكمُ على المواقفِ وحياتهِ، بينما خبراتُ الآخرينَ فقطْ إضافةٌ لهَا في طفولتي، من الأشياءِ الأساسيةِ التي كنتُ أحبُّ القيامَ بها، هو حلُّ واجباتِي في الحافلةِ المدرسيةِ أثناءَ العودةِ من المدرسةِ، وبعد وصولي البيتِ أخرجُ من الظهرِ إلى الليلِ من المنزلِ لاستكشافِ مجتمعي والاختلاطِ مع الناسِ ولدي مشكلةٌ مزمنةٌ، ألا وهي أنني دائمًا غيرُ راضيةٍ، وأرغبُ بشكلٍّ مستمرٍ في تحقيقِ إنجازاتٍ على الصعيدين الشخصي والمهني، ولا أقبلُ بأيِّ شيءٍ دونَ مستوى طموحي وتوقعاتي، وكان هذا محورُ نجاحٍ وقلقٍ بالنسبةِ لي، حيثُ إنه ساعدني على أنْ أنجزَ وأعملَ، ولكن في الوقتِ نفسه سببَ لي بعضَ الإشكالياتِ في علاقتي مع محيطي؛ لأنَّهُ في بعضِ الأحيانِ لا يفهمني الطرفُ الآخرُ بحكمِ أنني أفكرُ في نطاقاتٍ أبعدَ من الحاضرِ هناك الكثيرُ من الأمورِ في طفولتي التي تركتْ بصمةً في شخصيتي، على سبيلِ المثالِ، في الصفِ الرابعِ أُعطيتُ مسؤوليةُ النشيدِ الوطني؛ لأنَّ صوتي جهوري وكنتُ أُجيدُ اللغةَ العربيةَ، ومن هنا بدأتْ رحلتي في مواجهةِ الجمهورِ والتي أصبحتْ إحدى الأعمدةُ الأساسيةُ في شخصيتي، فحبي للغةِ العربيةِ وتمكني من توظيفِ مفرداتِها أعطاني القدرةَ على أنْ أكونَ إنسانةً عفويةً في الطرحِ والمحاورةِ أما المرحلةُ الإعداديةُ كانتْ مرحلةً انتقاليةً في بيئةٍ جديدةٍ وغريبةٍ، الحمد لله- كانتْ التجاربُ فيها جميلةً، بينما تبلورتْ الأمورُ في الثانويةِ ففي الأسبوعِ الأولِ من دخولي المجالِ العلميِ كانت المُعلمةُ صارمةً جدًا وجعلتني أكرهُ المدرسةَ، ولكنني مع الوقتِ اكتشفتُ أنَّها أرادتْ أنْ تُنشئ طالبات ذوات قدراتٍ عاليةٍ وشخصياتٍ قويةٍ، وأصبحتْ عند إدراكِنا لأهدافِها شخصًا عزيزًا على قلوبِنا خاصةً بعدما أظهرتْ طيبتها مما يبرهنُ أنْ المظهرَ خادعٌ دائمًا ومع الزمنِ يتعرَّفُ الإنسانُ على معدنِ غيرهِ أثناء فترةِ دراستي في المرحلةِ الثانويةِ كان لديّ أملٌ أنْ ألتحقَ بكليةِ الطبِ في جامعةِ قطرَ، لكنَّ بسببِ طبيعةِ المجتمعِ المتحفظِ في ذاك الوقتِ لمْ أستطِعْ أنْ أدخلَ هذا التخصصَ فدخلتُ كليةَ العلومِ، وكانتْ هذه التجربةُ رائعةً بكلِّ تفاصيلِها، من مقرراتِها الأكاديمية وطلبتِها وطاقمِها التدريسي. وأخُصُّ بالذكرِ الشخصَ الوحيدَ الذي أحدثَ مفارقةً في دراستي الجامعية هو الدكتورُ فتحي سعود؛ لأنَّ هذا الشخصَ وقفَ معي وساندني عندما احتجتُ المساعدةَ في الموادِ المطروحةِ في المرحلةِ التي تلتها، دخلتُ مجالَ التعليم وعملتُ فيه لأربعٍ وثلاثينَ سنةً في مناصبَ مختلفةمنذ طفولتي تربيتُ على حسِّ القيادةِ وعلى حبِّ المعرفةِ والاستكشافِ، حيثُ إنَّ أمي رحمها اللهُ – ربتني على تحملِ المسؤوليةِ والعملِ الجادِ عبر إعطائِي مسؤوليةِ إدارةِ المنزلِ في فترِةِ إجازةِ الصيفِ، مما منحني حسًّا أكبرَ في الاهتمامِ بالآخرينَ. لا أقبلُ بالرأي الآخرَ إلا بعدَ تجربتِهِ شخصيًا، ودائمًا لا آخذُ بالأمثالَ والعبرَ حسب محتواها كموروثاتٍ بل أفكرُ فيها من منطلقِ تجربتي الشخصيةِ، وإذا لمْ أجدْ تطابقًا أحاولُ أنْ أخوضَ التجربةَ لأتعلمَ. أقولُ لنفسي دائمًا: إنَّ خبرةَ الإنسانِ تحكمُ على المواقفِ وحياتهِ، بينما خبراتُ الآخرينَ فقطْ إضافةٌ لهَا في طفولتي، من الأشياءِ الأساسيةِ التي كنتُ أحبُّ القيامَ بها، هو حلُّ واجباتِي في الحافلةِ المدرسيةِ أثناءَ العودةِ من المدرسةِ، وبعد وصولي البيتِ أخرجُ من الظهرِ إلى الليلِ من المنزلِ لاستكشافِ مجتمعي والاختلاطِ مع الناسِ ولدي مشكلةٌ مزمنةٌ، ألا وهي أنني دائمًا غيرُ راضيةٍ، وأرغبُ بشكلٍّ مستمرٍ في تحقيقِ إنجازاتٍ على الصعيدين الشخصي والمهني، ولا أقبلُ بأيِّ شيءٍ دونَ مستوى طموحي وتوقعاتي، وكان هذا محورُ نجاحٍ وقلقٍ بالنسبةِ لي، حيثُ إنه ساعدني على أنْ أنجزَ وأعملَ، ولكن في الوقتِ نفسه سببَ لي بعضَ الإشكالياتِ في علاقتي مع محيطي؛ لأنَّهُ في بعضِ الأحيانِ لا يفهمني الطرفُ الآخرُ بحكمِ أنني أفكرُ في نطاقاتٍ أبعدَ من الحاضرِ هناك الكثيرُ من الأمورِ في طفولتي التي تركتْ بصمةً في شخصيتي، على سبيلِ المثالِ، في الصفِ الرابعِ أُعطيتُ مسؤوليةُ النشيدِ الوطني؛ لأنَّ صوتي جهوري وكنتُ أُجيدُ اللغةَ العربيةَ، ومن هنا بدأتْ رحلتي في مواجهةِ الجمهورِ والتي أصبحتْ إحدى الأعمدةُ الأساسيةُ في شخصيتي، فحبي للغةِ العربيةِ وتمكني من توظيفِ مفرداتِها أعطاني القدرةَ على أنْ أكونَ إنسانةً عفويةً في الطرحِ والمحاورةِ أما المرحلةُ الإعداديةُ كانتْ مرحلةً انتقاليةً في بيئةٍ جديدةٍ وغريبةٍ، الحمد لله- كانتْ التجاربُ فيها جميلةً، بينما تبلورتْ الأمورُ في الثانويةِ ففي الأسبوعِ الأولِ من دخولي المجالِ العلميِ كانت المُعلمةُ صارمةً جدًا وجعلتني أكرهُ المدرسةَ، ولكنني مع الوقتِ اكتشفتُ أنَّها أرادتْ أنْ تُنشئ طالبات ذوات قدراتٍ عاليةٍ وشخصياتٍ قويةٍ، وأصبحتْ عند إدراكِنا لأهدافِها شخصًا عزيزًا على قلوبِنا خاصةً بعدما أظهرتْ طيبتها مما يبرهنُ أنْ المظهرَ خادعٌ دائمًا ومع الزمنِ يتعرَّفُ الإنسانُ على معدنِ غيرهِ أثناء فترةِ دراستي في المرحلةِ الثانويةِ كان لديّ أملٌ أنْ ألتحقَ بكليةِ الطبِ في جامعةِ قطرَ، لكنَّ بسببِ طبيعةِ المجتمعِ المتحفظِ في ذاك الوقتِ لمْ أستطِعْ أنْ أدخلَ هذا التخصصَ فدخلتُ كليةَ العلومِ، وكانتْ هذه التجربةُ رائعةً بكلِّ تفاصيلِها، من مقرراتِها الأكاديمية وطلبتِها وطاقمِها التدريسي. وأخُصُّ بالذكرِ الشخصَ الوحيدَ الذي أحدثَ مفارقةً في دراستي الجامعية هو الدكتورُ فتحي سعود؛ لأنَّ هذا الشخصَ وقفَ معي وساندني عندما احتجتُ المساعدةَ في الموادِ المطروحةِ في المرحلةِ التي تلتها، دخلتُ مجالَ التعليم وعملتُ فيه لأربعٍ وثلاثينَ سنةً في مناصبَ مختلفة 

 

هل من الممكن أن تتحدثي عن تجربتكِ في مجالِ التعليمِ؟

طبعاً دخلتُ كليةَ العلومِ لأتفادى التدريس نهائيًا، لكن سبحان الله! كان مصيري منذُ البدايةِ أنْ أصبحَ مدرسةً. في السابق كانتْ وزارةُ التعليم والتعليم العالي تُعيّن كلَّ منْ كان تخصصُه من غيرِ كليةِ التربيةِ معلمًا في المرحلةِ الابتدائيةِ، فدخلتُ المرحلةَ الابتدائيةَ على أساسِ أننِي سوف أتدرجُ في المراحلِ مع مرورِ السنينَ، وكانتْ هذه المرحلةُ من المراحلِ المحوريةِ في حياتِي، حيثُ أنني أتذكرُ أولَ يومٍ لي بكلِ تفاصيلهِ، فهي أولُ مرةٍ أدخلُ الحرمً المدرسي كموظفةٍ وليس طالبةٍ، ولمْ يكنْ هناك من يعلمني ما يجبُ عليّ أنْ أقومَ به، لكن هذه الأمورُ تُكتسبُ مع الوقتِ. أولُ حصةٍ دراسيةٍ لي كان لها بصمةٌ مهمةٌ في حياتي، التي عبرها عرفتْ أنَّ ربَّ العالمينَ اختار لي الأجملَ والأحلى عبر دخولِي مجالِ التدريسِ لي عدةُ ذكرياتٍ ومبادراتٍ جميلةٍ في هذا المجالِ، فقد شاركتُ مع بناتي في الثمانيناتِ في مسابقةٍ علميةٍ عن الحيوانِ على مستوى دولِ الخليجِ، وفزنَا ليس بمركزٍ بلْ بأكبرِ عددٍ من الطالباتِ المشاركاتِ في المسابقةِ، كان طموحي أنْ أبرزَ الفتياتِ خارجَ نطاقِ المدرسةِ. كنتُ أيضًا أغيرُ طرقَ تناولِ المناهجَ الدراسيةِ، فيختلفُ محتوى المادةِ التي أدرسُها كلَّ سنةٍ عن السنَّةِ قبلها، بالإضافةِ إلى أنني كنتُ أقولُ أنَّ وقتَ المدرسةِ للمدرسةِ ومع ذلك كنتُ استثمرُ وقتَ البيتِ في تحضيرِ حصصٍ وابتكارِ وسائلَ تعليميةٍ. كان لي أيضاً دورٌ في أنشطةِ الطابورِ الصباحِي التي عبرَها أُدخلُ المجتمعَ المدرسي كاملًا، من المديرةِ إلى باقي المعلماتِ؛ لأنَّ المشاركةَ كانت عندي شيءٌ أساسيٌّ ولا أحبُّ أنْ يقتصر دوري في التدريسِ فقط، فبناءُ شخصية المتعلمين كانتْ ومازالتْ هاجسي وطموحي بعد أربعِ سنينَ انتقلتُ إلى الإعداديةِ ومن بعدها إلى الثانوية، وفي إحدى المدارس التي عملت بها تولَّدتْ بيني وبين مديرةِ المدرسةِ الكثيرُ من المشاكساتِ لأنَّي كنت أمشي في الاتجاهِ المعاكسِ، ولمْ أرضَ أنْ يتدخلَ أحدٌ في سيرِ دروسي وعلاقتي مع طالباتي، وبعد أن حققت طالباتي مستويات عالية من التفوق العلمي تولدت علاقة جديدة مبنية على الثقة ومنحي الحرية في العمل، ومن هناك تم اختياري للانضمام الى المدرسة الثانوية العلمية ، فكانتْ هذه المرحلةُ هي مرحلةُ الإنجازاتِ؛ خلال مسيرةٍ استمرت مدى خمسِ عشرة سنةً، وكان الهدفُ منها أنَّ ننشئَ جيلًا قطريًا يواكبُ التقدمَ الحضاري ويقود المستقبل، خاصةً في مجالِ الصناعة والطاقة والتنمية المستدامة ومنْ هنا بدأتْ رحلتي في مدرسة البيانِ العلمية، عملتُ كمعلمةٍ، ومن بعدها أصبحتُ منسقةً، ثم أصبحتُ منسقةً لقسمِ الموادِ العلميةِ لمدرستي(البيان ومدرسة عمربن الخطاب الثانوية)، بعدها أصبحتُ نائبةً أكاديميةً مسؤولةً عن جميعِ الموادِ في مجمع البيان التربوي بجميعِ مراحلِهِ، وبسببِ هذا التوسعِ طالبتُ باقتصارِ متابعتي الأكاديمية للموادِ العلميةِ بحكمِ تخصصي، لكنْ شاءَ القدرُ أنْ أرجعَ وأديرَ كلَّ الموادِ مرةً أخرى، ومن ثمَّ أصبحتُ مديرةَ مدرسة البيانِ الأولى التي كانت تضمُّ المستويات من الروضةِ إلى الصفِ الثالثِ، ثم من الصفِ الثالثِ إلى الصفِ السادسِ، وبعد فترةٍ وجيزةٍ من عمر مجمعِ البيانِ التربوي أصبحتُ مديرةَ له بجميعِ مراحلهِ الدراسية منْ اهمِّ الإنجازاتِ التي حققتُها كان الحصولُ على جائزةِ المرأةِ العربيةِ في التعليمِ، وكنتُ ضيفةَ شرفٍ لأكثرَ من برنامجٍ في جامعةِ قطرَ، وفي هذا الإطارِ كانت أُقدمُ ندواتٍ ومحاضراتٍ عن أهمية التعليم والتغيير المرن كلِّ فترةٍ، لكن أحلى تجربةً مررتُ بها عندما كنتُ ضيفةَ شرفٍ في تخريجِ مجموعةٍ من الدفعاتِ المتميزة في جامعةِ قطرَ وكان الكثيرُ من الخريجاتِ هم في الأصلِ طالباتي   

 

ما التحدياتُ التي واجهتكِ في هذه التجربةِ؟

إحدى التحدياتِ الكبيرةِ التي زادتْ من خبرتِنَا هو تخطيطُ المنهجِ، كان المفروضُ أنْ يأتي فريقٌ كندي- لبناني يعملُ على المناهجِ، لكنَّهم لمْ يقدموا شيئًا جديدًا، وكانتْ السنةُ الدراسيةُ على وشكِ أنْ تبدأَ، فجمعتُ طاقمَ عملٍ وبدأنا رسمَ منهجٍ جديدٍ وكاملٍ ومفصلٍ في أسرعِ وقتٍ ممكنٍ، والحمد لله - ساندنا الديوانُ الأميريُّ، وكان عبئاًلكنه ممتعٌ ومثمرٌ. زيادةً على ذلك، كنا نعيشُ مع طالبتِنَا كأننَا عائلةٌ كبيرةٌ ثاني أكبرَ تحدٍ كان تخريجُ أولَ دفعةٍ من طالباتِ مدرسةِ البيانِ الثانويةِ العلميةِ؛ لأنَّه في وقتِها كنا بصددِ ضمِّ مرحلةٍ دراسيةٍ جديدةٍ للمجمعِ وما يتبعهُ ذلك من تهيئةِ المناهجِ الدراسيةِ حتى أكتملَ تأسيسُ مجمع البيان التربوي بجميعِ مراحلهِ من رياضِ الأطفالِ حتى الثانوية  

 

كيف تقيمين نجاحَ مجمع البيانِ؟

 أهمُّ فكرةٍ حاولنا أنْ نعملَ عليها هي بناءُ الإنسانِ، وغرسُ فكرةِ أنَّ المستحيلَ وهمٌ، وفريقُ العملِ هو الأساسُ، وإنْ وجودَكِ مرهونٌ بإنجازاتِك وليس بكرسيِك أو قلمِك أو منصبك، فهذه هي الأمورُ التي حاولنا أنَّ نؤسسَ فيها ثقافةَ مجمعِ البيانِ. كلُّ إنسانٍ قادرٍ على أنْ يُحققَ المستحيلَ، وأنَّ كلَّ إنسانٍ من حقهِ أنْ يمارسَ كلَّ الصلاحياتِ، وكلَّ السلطةِ ابتداءً من الحارس إلى عاملِ النظافةِ، الى أعلى القيادات في المجمع أما عن الأمورِ المحوريةِ، استطعنا أنْ نحصلَ على عدةِ اعتماداتٍ دوليةٍ التي أثبتتْ كفاءَتِنَا، وسنويًا نخرّجُ ١٠٠٪ من طالباتِنا، اللواتي يتمُّ استقطاب نسبةٍ كبيرةٍ منهن من قبلِ جامعات المدينةِ التعليميةِ، ومخرجاتُنَا معروفةً سواءً في جامعاتِ المدينةِ التعليميةِ وفي الخارجِ وفي جامعةِ قطرَ لأنَّ برامجَنا التعليميةِ لا يُعلى عليها. استطعنا نيلُ اعتمادينِ، اعتمادُ "الأي بي" (الدبلوم العالمي) للمرحلة الثانوية واعتماد "سي أي اس" (لجنة المدارس العالمية). وكنا أولَ مدرسةٍ حكوميةٍ للبناتِ تنضمُّ إلى هذين الاعتمادين. أيضًا نحن عضو في المدارسِ المتجددةِ، وندربُ خمسَ مدارسَ في الوطنِ العربي، ومن هذه المدارسِ (أسباير) ليحصلوا على اعتمادَ "سي أي اس"، ومعظمُ المساراتِ والسياسات الموجودةِ في التعليمِ حاليًا انبثقتْ من مجمع البيانِ   

 

ما أبرزُ ذكرَى لكِ في العملِ؟

كلُّ مرحلةٍ في حياتك تعطيك انطباعًا مختلفًا، يعني أولَ مرةٍ دخلتُ الصفِ ورأيتُ الطالباتِ تغيَّرُ بالفعلِ نمطَ حياتِي، وهذه كانتْ أولَ مرحلةٍ. والمرحلةُ الثانيةُ كانتْ في الثانوية، حيثُ كنتُ من المعلماتِ المتميزاتِ أدرسُ الصفَّ الثالثِ الثانوي، والمدرسةُ حققتْ إنجازاتٍ ونجاحاتٍ باهرةٍ في الفترةِ التي عملتْ فيها معظمها كان ليّ يدٌّ وجهدٌ فيها، وأتذكرُ هذا الموقفَ عندما دخلتُ المدرسةَ أخبرتني المديرةُ بأنْ أتركَ المدرسةَ، ولمْ أفهمْ مقصدَها لأنِّني كنتُ معلمةً متميزةً في المدرسة، فما أسباب هذا الطلبِ المستهجن؟ ولكني أدركتُ بعدَها أنَّ مديرةَ المدرسةِ هدفُها دفعي خارج أسوارِ المدرسةِ لخوضِ تجربةٍ تناسبُ إمكاناتي وطاقاتي وتلبي طموحاتي في مجالِ التعليم وهي تجربةُ البيانِ العلميةِ، فربَّ ضارةٌ نافعةً، وبسببِ قرارِها دخلتُ ضمنَ فريقِ مشروعِ المدارسِ العلميةِ في دولةِ قطرَ، وفي بيئةٍ تناسبُ أسلوبي في التعليمِ. المحطةُ الثالثةُ كانتْ رحلتي في البيانِ، وهي أنضجُ وأحلى مرحلةٍ لأنَّي كنتُ أقطفُ ثمارَ جهدِي، وكنتُ شاهدةً على تخريجِ ١٩ دفعةً من طالباتِها المحطةُ الرابعةُ كانتْ أكبرَ تحدٍ لنا وهو حصولُنا على اعتماد "سي أي اس" للسبعِة مبانٍ المنتشرةِ في قطر تحت مظلةِ مدارسِ مجمعِ البيانِ، وكانت المحطةُ الخامسةُ هي زيارة فريق التقييم من منظمة " سي أي اس" حيث كان تقييم مدارس مجمع البيان هو أول تقييم لمدارس حكومية على مستوى العالم، وكنتُ مترددةً؛ لأنَّ مجمعَ البيانِ مقسمٌ إلى مبانٍ عدةٍ، وهذه المحطةُ برهنتْ حقًا أنَّهُ لا يوجدُ عائقٌ إذا أراد الإنسانُ أنْ يعملَ بجهدٍ على طموحهِ. أجمل جزء في هذه المرحلةِ عندما تم تسليمنا الكتيبَ للاعتمادِ لنسلمهلأولياءَ أمورِ الطلبةِ، فهنا استطعنا أنْ ندمجَ العالميةَ مع الرؤيةِ المحليةِ  

 

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

من الأبحاثِ والواقعِ الذي أراه، هذا الزمنُ هو زمنُ النساءِ القطريات، فهناك الكثيرُ من الفتياتِ اللاتي تبوأن مناصب في الدولة، والأجيالُ الجديدةُ فئةٌ متعلمةٌ وناضجةٌ، وتملكُ كلَّ الإمكاناتِ. لكن هناك نقطةٌ مهمةٌ يجبُ أنْ تركزَ عليها كلُّ شابةٍ، ألا وهو الصبرُ لأنَّ هناك ظاهرةٌ منتشرةٌ لدى شباب هذا الجيل وهي الرغبة في سرعة تحقيق الأهداف وهذا خاطئٌ لأنَّه إذا لمْ يوجدْ أيُّ نوعٍ من التحدي لنْ تظهرَ مواهبَك، هذه التحدياتُ هي التي تعطيك قدراتٍ أسمى. وأطلبُ من كلِّ فتاةٍ بأنْ تركزَ على العاملِ الإنساني، أبدي اهتمامًا بمحيطيكِ. وأهمُّ شيءٍ، عيشي مع فريقِ عملٍ يختلفُ عن بعضِه، لأنَّهُ إذا استطعتِ أن تتمسكي بهذا الفريقِ فسوف يكونُ إنتاجُكِ أحسنَ وأغزرَ. وأخيراً، ليس هناك مستحيلٌ، امحي هذه الفكرةَ وأبدعي

 

  • كاتبة المقابلة: العنود الكواري.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR