جزء من جمال الثقافات والحضارات المختلفة يقع في اللغة، حيث أن كل حرف وكلمة منطوقة تسرد تاريخ الفرد، أسلافه، وطنه، والثقافات التي مرت على بلاده عبر التاريخ. لهذا السبب، نجد العديد من العلماء يصبون اهتمامهم وجهدهم في دراسة واكتشاف عالم اللغويات الثري، ويقدمون أطروحات وأفكار تكشف أسرار الثقافات التي لطالما كانت في طي الظل والغموض. من الرائدين في هذا العالم اللغوي الدكتورة إيمان مصطفوي، التي عبر عملها أثرت على تخصص اللغويات، بالأخص في قطر عبر تحليل بعض الظواهر اللغوية في اللغة العربية واللهجة القطرية بالإضافة لدراسة التنوع اللغوي في المجتمع القطري . فمن هي الدكتورة إيمان مصطفوي؟
أستاذ مشارك في علمِ اللسانياتِ النظريةِ. متخصصة بعلم وظائف الأصوات وأدرس هذا التخصص بالإضافة لمقررات اللسانياتٍ المجتمعيةٍ. لدي اهتماماتٌ بحثيةٌ بالغة العربية ولهجاتها وخصوصا لهجات منطقة الخليجِ وكذلك مسائل اللغة والهوية والسياسات اللغوية، حيث أقوم بدراسة الظواهرِ اللغويةِ في اللهجاتِ العربية في ضوء النظرياتِ المعروفةِ عالميًا في مجالِ اللسانياتِ. حصلت على شهادةِ البكالوريوس في اللغةِ الانجليزيةِ من جامعةِ قطرَ، ومن ثمَّ التحقت ببرنامج الدراسات العليا في كندا. وبالنسبةِ لحياتي الخاصةِ فأنا زوجةٌ وأمٌّ لأربعةِ أطفالٍ
هلْ كان طموحُك دائمًا الوصولَ إلى مرحلةِ الدكتوراه؟
في الحقيقةِ في بعضِ الفتراتِ من مسيرتِي الأكاديميةِ كنتُ أودُّ الوصولَ إلى الماجستير ولكنني لمْ أتخيلْ أنني سأواصل الدراسةُ للحصولِ على شهادةِ الدكتوراه، ولا حتى أنني سأعودُ للعملِ في الجامعةِ. إلا أنني كنتُ دائمًا أؤمن بأنني أستطيعُ المساهمةَ في المجالِ العام بطريقةٍ فريدةٍ من نوعِهَا ومختلفةٍ عن المساهمةِ التقليديةِ
ما الذي جذبَكِ إلى علمِ اللسانياتِ النظريةِ؟
كان تخصصي في مرحلةِ البكالوريوس في اللغةِ الإنجليزيةِ وكنتُ أميلُ كثيرًا إلى المقرراتِ اللغويةِ في التخصصِ وكنتُ استمتعُ بها أكثرَ من موادِ الأدبِ. أحبُّ أنْ أفرقَ بين الأصواتِ اللغويةِ في اللغاتِ المتعددةِ، وكذلك بين اللهجاتِ وكيفية أن تغيرِ بعضِ الأصواتِ في لغةٍ معينةٍ يحولها إلى لهجةٍ مختلفةٍ تمامًا. ولدينا في قطرَ مزيجٌ جميلٌ من اللهجاتِ ، فبعضُ القبائلِ لديها نطقٌ معينٌ لبعضِ الحروفِ لدرجةِ أننا نستطيعُ أنْ نعرفَ قبيلةَ الشخصِ من لهجتهِ
هلْ يمكنُك أنْ تخبرينا عن المقرراتِ التي تقدمينها في الجامعةِ؟
أُدرِّس مقرراتِ في مجال اللسانياتِ والتي أحيانًا يُطلقُ عليها (اللغويات)، نحنُ لا نُدرِّسُ لغات أو لهجاتِ معينةِ، ولكنْ ندرِّس النظرياتِ بشكلٍ عامٍ، ومن ثمَّ نقومُ بتطبيقهَا على اللغاتِ المختلفةِ وبالأخص على اللغة الإنجليزية والعربي، كذلك أدرِّس مقررَ اللسانياتِ المجتمعيةِ في الخليجِ في مركزِ دراساتِ الخليجِ، وهو مقررٌ يركز على دور اللغة في المجتمع، وعلاقة اللغة بالهوية، مكانة اللغة الانجليزية وعلاقتها باللغة العربية، وتعامل وسائل الإعلام مع اللغة. كما يتطرق المقرر للتنوعِ اللغويِّ في مجتمعات الخليج والسياسياتِ اللغويةِ في التعليمِ، بالإضافةِ إلى دراسة نماذج من بعض اللهجات العربية الأقل شهرة
أُدرِّس مقرراتِ في مجال اللسانياتِ والتي أحيانًا يُطلقُ عليها (اللغويات)، نحنُ لا نُدرِّسُ لغات أو لهجاتِ معينةِ، ولكنْ ندرِّس النظرياتِ بشكلٍ عامٍ، ومن ثمَّ نقومُ بتطبيقهَا على اللغاتِ المختلفةِ وبالأخص على اللغة الإنجليزية والعربي، كذلك أدرِّس مقررَ اللسانياتِ المجتمعيةِ في الخليجِ في مركزِ دراساتِ الخليجِ، وهو مقررٌ يركز على دور اللغة في المجتمع، وعلاقة اللغة بالهوية، مكانة اللغة الانجليزية وعلاقتها باللغة العربية، وتعامل وسائل الإعلام مع اللغة. كما يتطرق المقرر للتنوعِ اللغويِّ في مجتمعات الخليج والسياسياتِ اللغويةِ في التعليمِ، بالإضافةِ إلى دراسة نماذج من بعض اللهجات العربية الأقل شهرة
هلْ واجهتِ أيَّ معيقاتٍ في مشواركِ المهنيِّ أو الأكاديميِّ؟
بدأتُ رحلتي الأكاديميةَ في كندا بعد فترةِ انقطاعٍ عن التعليمِ، فراودني الخوفَ كثيرًا عند رجوعي إلى الدراسةِ، ولكنْ بعد الحصولِ على نتيجةِ أول امتحانٍ رجعت إلي ثقتي بنفسي وصرت متفوقةً على الصفِ، وكانت البيئة تشجع الطالب المتفوق والجدير بالثقة ، وبعد التخرجِ التحقتُ بجامعةِ قطرَ وعدتُ إلى قسمِ اللغةِ الانجليزيةِ، لنفس ِالقسمِ الذي تخرجتُ منه قبل سنينَ، وأصبحتُ أدرِّسُ المقرراتِ التي تقعُ في نطاقِ تخصصي حتى أصبحتُ عميدةَ الكليةِ
كيف كانتْ تجربتُك كعميدةِ كليةِ الآدابِ والعلومِ في جامعة قطر؟
كانت تجربةً ثريةً جدًا، فبعد عودتي من كندا بتسعةِ أشهرٍ تمَّ تعييني في منصبِ عميدٍ مساعدٍ لشؤونِ أعضاءِ التدريسِ، وكان العملُ الإداري الجامعي جديدًا عليّ، فكنتُ قليلةَ التحدثِ اكتفي بالاستماعِ لمن حولي لأتعلمَ وأكتسبَ الخبرةَ، وثمَّ أطبقُهَا على عملي - ولله الحمد- أنعمَ اللهُ عليّ وتعلمتُ بسرعةٍ، وبعدها بسنتينِ أصبحتُ العميد المساعدة للشؤونِ الأكاديميةِ، ومن ثمَّ أصبحتُ عميدًةً للكلية منصب العميدة ليس سهلا أبدًا، فهناك مسؤوليةٌ كبيرةٌ جدًا وخاصةً في كليتنَا، فقد كانت أكبرُ كليةٍ في الجامعةِ وأكبرُ كليةٍ في قطرَ بشكلٍ عامٍ وما زالت من حيثُ عددِ الطلابِ، وعددِ الأساتذةِ، وعددِ التخصصاتِ. إذًا مسؤوليةُ العميدِ كبيرةٌ جدًا ولكنها مثيرةً، فكلُّ يومٍ تواجهينَ أمورًا جديدةً ولديك الفرصةُ لتحدثي التغييرَ في الكليةِ، خصوصًا إذا كان لديك أفكارٌ كثيرةٌ. ولحساسية مجال التعليم يلزم دراسة كل خطط التغيير دراسة مستفيضة قبل الشروع بتطبيقها إذ أن الكثير من هذه التغييرات تؤثر على أعداد كبيرة من الطلاب من جوانب عديدة. ولذلك هو منصبٌ جميلٌ ولكن بمسؤوليةٍ كبيرة وبعد هذه المرحلةِ عدتُ إلى المهامِ الأكاديمية الأساسية من تدريسُ وبحثِ
هلْ هناك أيُّ تجربةٍ في هذه المهنةِ أثرتْ على حياتِك؟
أنا تأثرتُ كثيرًا بالدكتورةِ شيخةِ المسندِ، كانتْ رئيسةَ الجامعةِ في الفترةِ الأولى، وكانتْ هي بمثابةِ معلمتي فكنتُ أذهبُ إليها لأستفسرَ عن بعضِ الأمورِ وأستشيرها في بعض ما يواجهني. ولم تكن من النوعِ الذي يفرضُ رأيَه، فكانتْ تقترحُ بعضَ الأفكارِ، وتعطيني حريةَ الاختيارِ. وهذه الحرية تمنح الإنسان مسؤولية الاختيار ومسؤولية تحمل النتائج، في بداية عملي الأكاديمي شاركت في الكثيرِ من اللجانِ ذات الأغلبية الذكوريةً ولم يكن من الصعب حينها ملاحظة بعض التصرفات من قبل بعض الزملاء والتي تعبر عن التقليل من شأن آرائي بحكم كوني امرأة وأصغر سنا ممن حولي، فكانتْ مرحلةً صعبةً، ولكنني تخطيتها عن طريقِ القيام بالبحثِ والقراءة المستفيضة قبل انعقاد اجتماعات اللجانِ وبالتالي المشاركةِ بالمناقشة بمحتوى مفيدٍ، وبهذه الطريقة أصبح باقي الأعضاء ينصتون لما أقوله وحازتُ مشاركاتي على احترامِهم
ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟
الفتيات القطريات حققن الكثير وتفوقن في مجالات متعددة. نصيحتي لهن أولا: التحلي بالصبرِ، حيث لا يمكن أن نحققَ جميعَ أمنياتِنا في ليلةٍ واحدةٍ، ولكنْ سنحققُهَا عن طريقِ العملِ الدؤوب والتخطيط المستمر ثانياً: يجبُ علينا أنْ نكونَ واقعيينَ، وأنْ نعرفَ إمكانياتِنا ونقاطَ قوتِنَا، وأنْ نعززَها ونبنيهَا ثالثاً: التفكر في الأخطاء للإستفادة من لحظات الفشل وأخيرًا: النزاهةُ مهمةٌ جدا، ولا يمكنُ أنْ نقولَ (الغايةُ تبررُ الوسيلةَ) وأنْ نسعى إلى هدفٍ معينٍ بغضِ النظرِ عن ما نسببه لمن حولنا. على العكس من ذلك، الإنسانُ الناجحُ يرفعُ الناسَ من حولِه أثناء تقدمِه إلى الأمامِ، ولكي ينجحَ أيُّ قائدٍ يجبُ أنْ ينالَ ثقةَ فريقهِ، وأنْ يعملَ معهم في السراءِ والضراءِ وأنْ يقودَهم جميعا إلى تحقيق أهداف المؤسسة
- كاتبة المقابلة: فاطمة النعيمي.
- تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.