د. ريم علي الأنصاري

محامية والرئيس التنفيذي والمؤسس

لمكتب الدكتورة ريم الأنصاري للمحاماة

بدأت الدكتورة ريم علي الأنصاري مسيرتها في مجال القانون في سن مبكر، لكنها تؤكد أن صغر سنها لم يكن عائقًا، بل إنها لم ترى في التحديات التي واجهتها أي عائق، لأنها تعتبرها جزءًا طبيعيًا من أي رحلة، فسارت في دربها لتختار دراسة القانون. وبعد انتهائها من المرحلة التعليمية، بدأت حياتها المهنية كمعلمة ومحامية، وتشاركنا اليوم رحلتها الناجحة من مكتبها للمحاماة، فمن هي د. ريم علي الأنصاري؟

Dr. Reem Al-Ansari

أنا أستاذ في القانون، ومحامية تمييز. أكملتُ درجة البكالوريوس في كلية القانون في جامعة قطر، وحصلتُ بعدها على درجة الماجستير في تخصص القانون المالي الدولي من كلية الحقوق بجامعة ميشيغان في أمريكا، والتحقتُ ببرنامج الدكتواره في جامعة جورج تاون للقانون في واشنطن، وتخصصتُ حينها في القانون الجنائي الدولي.

أما مسيرتي العملية بعد الدكتوراه فلها فرعين: التدريس والمحاماة. فقد درّستُ في جامعة قطر في كلية القانون، وأيضًا في جامعة حمد بن خليفة كأستاذ زائر، كما أنني محامية مرخصة ومعتمدة في قطر، ومؤخرًا أسستُ مكتبتي للمحاماة وهي مكتب محاماة د. ريم الأنصاري. 

بالإضافة إلى ما سبق أنا عضو في بيت المحاماة التابعة لكلية الحقوق بجامعة ميشيغان. وقد عملتُ في وظائف عدة منها عملي كمديرة للدراسات القانونية في مركز حكم القانون ومكافحة الفساد، وكمدير تحرير المجلة الدولية التابعة للمركز، علاوة على توليي مهام مدير سياسات البحث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر – مجلس قطر للبحوث، وهناك الكثير من الوظائف التي عملتُ فيها حتى خلال سنوات دراستي، ومنها العمل في البنك الدولي في وحدة الحوكمة ومكافحة الفساد (GAC).

وعلى الصعيد الأكاديمي فزتُ بجائزة التمييز مرتين على التوالي. ولكن من الأمور التي لا يعرفها الكثير من الناس هي أنني طاهية محترفة، وتعاونتُ مع مشروع قطري ناشيء في إعداد قائمة لهم.

 

Dr. Reem Al-Ansari beside her father on the day of graduation from the Ph.D. program
د. ريم الأنصاري بجانب والدها في يوم تخرجها من برنامج الدكتوراه
Dr. Reem Al-Ansari besiDr. Reem Al-Ansari on the day of graduation from the Ph.D. program
د. ريم الأنصاري في يوم تخرجها من برنامج الدكتوراه

هل كان طموحكِ دائمًا الدخول في مجال القانون والمحاماة؟

لا، خاصة بسبب حبي لمادة الكيمياء. وأعتقد أنه من الطبيعي ألا يعلم الشخص بشكل أكيد المسار الذي يريد أن يسلكه، ولا أحب الأفكار التي تنشر على منصات التواصل الاجتماعي عن حاجة الشخص إلى معرفة التخصص الذي يريده، لأنه قد يخلق ضغطًا لا داعي له في أذهان الشباب والشابات. ولكن حتى بدون معرفتي الأكيدة بأن مجال المحاماة يناسبني، إلا أنني أتذكر بعض السلوكيات والتصرفات التي كانت تصدر مني، والتي يمكنها أن تكون بمثابة العلامات الأولى لانخراطي في مجال المحاماة، مثلاً كنتُ أدافع عن صديقاتي إذا تعرضن للتنمر، لأنني ببساطة كنتُ أرى مثل هذا التصرف خطأ من الأساس، ولكن كل هذه مجرد أحداث أتذكرها، وأربط بينها وبين ما أمارسه الآن.

 

حدثينا عن رحلتك التعليمية في جامعة قطر وبعدها دراسة الماجستير والدكتوراه خارج قطر.

قررتُ إكمال تعليمي في كلية القانون التابعة لجامعة قطر، لكني لم أكتف بالدراسة فقط، بل عملتُ في وظائف عدة منها العمل في القسم القانوني في مؤسسة صلتك. وبعد تخرجي من الجامعة، استقطبتني الكلية، وأعتقد أنني تعمقتُ في دراسة وفهم تخصص القانون في ذلك الوقت، وبعدها أكملتُ برنامج الماجستير في جامعة ميشيغان آن أربور، والتي اخترتها بناء على عدة عوامل مثل سمعتها كمؤسسة تعليمية وجودة المواد التي تقدمها والمواد التي تطرحها.

ورغم أنني عشتُ خارج قطر في فترات من حياتي لطبيعة عمل والدي، إلا أن تجربة الغربة هذه المرة كانت مختلفة حين سافرتُ لدراسة الماجستير، وكان لها تأثيرها عليّ شخصيًا ومهنيًا.

أما من ناحية مشروعي البحثي خلال الماجستير، فقد كتبتُ أطروحة التخرج عن الطريقة المثلى لتمويل الملاعب من الناحية القانونية، وتزامن مع هذا فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، فبدا هذا التخصص مناسبًا لذلك. وبعد برنامج الماجستير، قدمتُ على برنامج الدكتوراه في جامعة جورج تاون، وتخرجتُ بشهادة في تخصصين في المحاماة وهما القانون الجنائي والقانون التجاري، وأثناء ذلك عملتُ في البنك الدولي، والتي كانت تجربة فريدة بالنسبة لي.

 

ما الذي شجعكِ للعمل في البنك الدولي؟

كان عملي في البنك الدولي جربة لا مثيل لها، أولاً، لأنها كانت أول تجربة عمل حقيقة لي، وثانيًا، لأن البنك الدولي كان مكانًا يضم حوالي 8 آلاف موظف من مختلف الجنسيات، فتميز بتنوع كبير، كما أنه يتميز بأن جميع العاملين هناك يتوقع منهم أداء العمل على أكمل وجه بغض النظر عن سنوات خبرتهم. وإلى يومنا هذا أتذكر مهمتي الأولى في العمل، فقد طُلب مني تمثيل القسم كاملاً، ورغم صعوبة المهمة لكونها الأولى بالنسبة لي، إلا أنها كانت الأقرب لقلبي، ولا زلتُ أراها تجربة جميلة في كل الأحوال، لأنها كانت بمثابة نقطة تحوّل استرعت انتباهي إلى أمور كثيرة قد تعتبر بسيطة، لكن أثرها كبير.وأرى أن عملي هناك كان مشرفًا لي، وعزز لدي حس المسؤولية بدرجة أكبر.

وبعد فترة من العمل في تلك البيئة، شعرتُ تلقائيًا أن الطريق والمستوى قد مهد لي لواجبات أكبر، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالقانون أو حتى مهارات العمل، ولم أكن لأكتسب تلك المهارات لولا تجربتي في البنك الدولي. 

 

ماذا عن عملكِ في مجال التدريس؟ حدثينا عن ذلك.

عملتُ في التدريس بعد انتهائي من الدكتوراه، وكان ذلك في جامعة قطر كأستاذ قانون في كلية القانون، بالإضافة إلى عملي كأستاذ زائر في جامعة حمد بن خليفة في كلية الحقوق والسياسة لتدريس طلاب القانون في الدراسات العليا في عام 2017م، كما عملتُ في جامعة قطر كعميد مشارك للبحوث والدراسات العليا، وأسستُ منهجًا تعليميًا لمادة مكافحة الفساد اعتمده مكتب الأمم المتحدة. كما لدي مؤلفات في مجال القانون، وهذه الكتب مبنية على المواد التي درّستها خلال عملي في جامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة.

قد يصف البعض مهنة التدريس بأنها مهنة صعبة، وأن المعلم يعطي دون مقابل، لكن وبكل صراحة مهنة المعلم ليست علاقة عطاء من قبل المعلم فقط، لأنني تعلمتُ الكثير من طلابي. فمهنة التدريس نفسها تتطلب من المعلم أن يبقى على اطلاع دائم بكل ما يخص مجاله، فيبقى المعلم طالبًا نشطًا حتى لو حصل على شهادة الدكتوراه، وهناك الكثير من الأمور التي تعلمتها أو أنني انتبهتُ عليها من خلال طلابي، مثلاً انتباهي إلى ذوي الاحتياجات الخاصة من الطلاب والتحديات التي يواجهونها، ولذا قررتُ أن جميع اصدراتي ومؤلفاتي لابد أن تكون متاحة لهم، سواء مكتوبة بلغة بريل أو مسجلة، وهذا ما سأعمل عليه في المستقبل. وبالنسبة لي التدريس متعة أكثر من كونه عمل، وأعتبر الروابط الجميلة التي كونتها مع طلابي أثمن من أي شيء.

White-Collar Crime: A book by Dr. Reem Al-Ansari
من مؤلفات الدكتورة ريم الأنصاري: كتاب عن جرائم الياقة البيضاء
Anti-Corruption: a book by Dr. Reem Al-Ansari
من مؤلفات الدكتورة ريم الأنصاري: كناب عن مكافحة الفساد

ومن المهام الأخرى التي قمتُ بها هو عملي كمديرة تحرير لإحدى المجلات العلمية المحكمة والمتخصصة في القانون ومكافحة الفساد، وهذه كانت تجربة أخرى جميلة. وكانت المجلة تضم بين صفحاتها أبحاث لأبرع الباحثين المتخصصين في القانون، وأتاحت لي هذه المجلة فرصة التعرف على ألمع العقول في مجال القانون، سواء كانوا من داخل قطر أو من خارجها. والحمدلله تم إصدار ثلاث مجلدات معتمدة خلال فترة عملي للمجلة.

ومن الأمور التي دعيتُ إليها وأصبحتُ أحب القيام بها هو إلقاء محاضرات في الجامعات في الخارج، لأني أحب أن أكون نشطة في الساحة القانونية العالمية وكذلك المحلية، مثل قيامي بطرح فصول قانونية لعدد من طاقم النيابة العامة، أما على الصعيد العالمي فتمت دعوتي لإلقاء محاضرة في جامعة كمبردج، وجامعة جورج تاون، وجامعة موسكو، وفي جامعات أخرى. وأنا أسعد لهذه الفرص، لأنها توفر لي منبرًا لمشاركة العالم أفكاري.

الدكتورة ريم الأنصاري في مؤتمر

ما الذي ألهمكِ لافتتاح مكتبكِ الخاص للمحاماة؟

كانت فكرة افتتاح المكتب في ذهني منذ زمن طويل، لكني انشغلتُ بأولويات أخرى، ولم أفتتح المكتب إلا بعد أن تأكدتُ أن لدي الوقت الكافي لألتزم بهذا العمل، والذي ألهمني لافتتاح مكتبي الخاص هو اقتناعي بالطريقة التي أود أن أقدم فيها الخدمات التي نمارسها كمحامين، وأنه آن الأوان لتطبيق هذه الطريقة على أرض الواقع، خاصة أن لديّ تجارب وخبرات أردتُ أن أطبقها في مكان عملي. كما أنه مع الوقت أصبح لدي قاعدة من العملاء الذين يتعاملون معي دائمًا، لذا فضلتُ أن أصنع البيئة التي أريدها في مكاني الخاص، وهذا ما أقوم به الآن في مكتبي، لأن لدي المساحة الكافية فكريًا وماديًا. إن مكتبي بالنسبة لي هو الفضاء، هو مساحتي المفضلة.

وبالنسبة لعملنا في المكتب فهو لا يقتصر فقط على قضايا جنائية، لأن الكثير من عملائنا يأتون إلينا للاستشارة القانونية، أو لكتابة عقود، أو لتسوية نزاعات أو للتحكيم. ومن الأمور الرائعة التي اكتشفتها من خلال هذا العمل هو مدى طموح الشباب القطري ووعيهم وأفكارهم.

 

Dr. Reem Al-Ansari at MIGIMO - Moscow Lectures
الدكتورة ريم الأنصاري خلال القائها محاضرة في موسكو
الدكتورة ريم الأنصاري خلال القائها محاضرة في واشنطن
Dr. Reem Al-Ansari at Aman Women Day - 1
الدكتورة ريم الأنصاري خلال حديث في يوم المرأة في عمان، الأردن

حدثينا عن حبكِ للطبخ وكيف بدأ هذا الحب؟

نشأ حبي للطبخ لاهتمامي بالبحث عن كل ما يفيد بناء الجسم والعقل في آن واحد، فاتجهتُ للتغذية التي تعتبر "صحية"، والتي يفترض أن تكون جزءًا من أسلوب الحياة الطبيعي. كنتُ أطبخ طعامي بنفسي باستخدام حواضر من البيئة المحيطة بي. وكان اهتمامًا بسيطًا في البداية، لكن عندما سافرتُ إلى أمريكا للدراسة زاد هذا الاهتمام. ومن الأشياء التي كنتُ أحب القيام بها هو شراء أطباق بزخارف مميزة، ومع الوقت أصبح لدي مخزون كبير من الأطباق الجميلة، فجربتُ إعداد مختلف الوصفات، وتقديمها بطريقة جميلة ومميزة باستخدام تلك الأطباق، مما لفت نظر كل من يتابعني على وسائل التواصل الاجتماعي. فتقدمتُ إلى إحدى المطاعم الشهيرة بوصفاتي، وحين حصل طبقي على اعجاب العديد من الناس، رغب صاحب المطعم بوضع الوصفة في القائمة الأساسية للمطعم، وكان هذا مدخل لإعدادي قائمة طعام لإحدى المطاعم الصحية الشهيرة في قطر.

 

هل واجهتِ أي تحديات في رحلتك؟

لقد أنعم الله عليّ بعائلة محبة شجعتني دومًا، ولذا كبرتُ وأنا أرى التحديات جزءًا طبيعيًا من أي رحلة، ولم تشكّل أي عائق في طريقي، بل لنقل أنها صعوبات كان من الطبيعي أن أواجهها، مثلاً، لو بدأنا برحلتي في الدراسة خارج قطر، ربما شكلت اللغة القانونية بعض الصعوبة، لأنها مصطلحات قانونية لا يستخدمها العامة. وكانت هناك تحديات أخرى عندما أردتُ افتتاح مكتبي للمحاماة، أهمها هو أنني كمؤسس للمكتب كان يجب عليّ إيجاد فريق العمل المناسب، وغير هذا كله، إن افتتاح المكتب أضاف لي دورًا جديدًا، ألا وهو دور الرئيس، وقد كرّستُ الكثير من الوقت لصنع بيئة جاذبة وممتعة للعمل، فالقائد يجب عليه أن يكون مرنًا وقادرًا على التكيف والتعلم المستمر.

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

بادري بصنع فرص لنفسك، وابتعدي عن التردد الذي يعيق أي عمل تقومين به؛ واكتبي قصتكِ الشخصية بنفسكِ دون أي مقارنة بينكِ وبين الآخرين، وكوني مرنة مع التغيير والتطور، لكن دون أي تنازلات عن مبادئكِ أو معتقداتكِ.

مقابلات مشابهة

Mrs. Mona Yousef Al-Muttaw

منى يوسف المطوع

الاستاذة منى يوسف المطوع هي إحدى المساهماتِ في تغييرِ وجهِ القانونِ، حيث إنها اقتحمتْ عالمَ المحاماة في وقتٍ لمْ يكنْ فيه الكثيرُ من النساءِ القطريات تمتهن تلك المهنة، واستطاعتْ بإصرارها ومثابرتها أنْ تبرزَ نفسهَا كمحاميةٍ قطريةٍ ذاتَ خبرةٍ في المجالِ القانوني وعبرَ مشاركاتها في مؤتمرات وورشٍ عمل قانونية محلية وعالميةٍ لتطورَ من نفسهِا وتمثلَ قطرَ فيها

إقرأ المزيد

فاطمة أحمد

نشرت المقابلة في 18 مارس 2023

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR