مريم أحمد البشري

مهندسة بترول

ورئيسة شؤون المرأة في مجال الطاقة في مركز مهندسي البترول

عدد النساء القطريات المتخرجين بشهادة هندسة في عام ٢٠١٦/٢٠١٧ يفوق عدد الرجال القطريين.[1]بالإضافة إلى ذلك تشكل النساء ما يقارب ٥٠٪ من الطلبة في جامعة (تكساس أي أند إم) للهندسة في قطر.[2]ولكن لا تنعكس هذه الأرقام على طاقم العمل، فإن الكثير من خريجات الهندسة لا يلتحقون بوظيفة تتماشى مع طبيعة شهادتهم، وذلك بسبب بيئة العمل التي تشكل تحديات عديدة للمهندسة القطرية، ولكنها تحديات بدأت تندثر مع الوقت. أصبحت المرأة القطرية تنضم إلى مجال الهندسة بشكل متزايد. وكما أثبتت مريم أحمد البشري، مهندسة بترول في إحدى شركات النفط الوطنية، بإمكان النساء القطريات التفوق كمهندسات في مجال الطاقة. لَمْ تثبت مريم ذلك فحسب، بل ساهمت في تشجيع العديد من النساء القطريات في التقدم إلى مجال الطاقة والتفوق فيه من خلال منصبها كرئيسة (شؤون المرأة في مجال الطاقة) في مركز مهندسي البترول من هي مريم البشري؟            

 

https://www.womenofqatar.com/interviews/tag/Maryam+Ahmed+Al-Bishri

 تخرجت من جامعة تكساس (أي أند إم) بشهادة بكالوريوس في هندسة البترول وأعمل حالياً في إحدى شركات النفط الوطنية في قطر بعد أن تخرجت من مدرسة الشيماء الثانوية للبنات، انضممت إلى برنامج الجسر الأكاديمي لسنة تأسيسية تأهلني للجامعة. في ذلك الوقت كنت أخطط لدراسة علم الحيوان في جامعة مكجيل في كندا، طموحتاً بأن أصبح أول قطرية متخصصة في علم الحيوان. ولكن عندما تعرفت على الجامعات في مؤسسة قطر اعجبتني جامعة تكساس كثيراً. وبما أن الجامعة كانت في السابق في نفس مبنى برنامج الجسر الأكاديمي، اعتدت على رؤية طلاب الهندسة بشكل يومي وكنت مفتونة بذكائهم. كنت أجد كتب طلاب الهندسة في أرجاء المبنى فكنت اتصفحها ما بين الحين والآخر، وجذبتني كتبهم الدراسية لأن كنت استمتع بمواد بالفيزياء والرياضيات في المدرسة، مما أثر على توجيه اختصاصي في مجال الهندسة. بناء على ذلك قررت أن أقدم على الجامعة وسعدت بالحصول على القبول، وكانت فترة التقديم على الجامعة سهلة جداً مما جعلني أتأكد بأنها جزء من مصيري، فأنا من المؤمنين بالقدر، لأن عندما يُريدك الله أن تفعلِ شيئاً ييسر الطريق له              

لقد تطورت خلال الفترة التي قضيتها في جامعة تكساس علمياً ونفسياً. تملك الجامعة مختبرات كبيرة وهيئة تدريس مذهلة ومنهج رائع. كما كنت عضواً ناشطاً في العديد من المؤسسات الطلابية بما في ذلك مركز مهندسي البترول وفصل الطلاب ونساء الآجيز وبرنامج البترول بعد أن تخرجت في عام ٢٠١١، انضممت إلى شركة النفط التي قامت بالتكفل بمصاريف دراستي في تكساس. كان الانتقال من الجامعة إلى العمل من أصعب التجارب التي واجهتها حتى الآن، إنه مماثل بالصدمة الثقافية. تعلمنا في إحدى دوراتنا في تكساس عن موضوع الفجوة بين الجنسين في مجال الطاقة، ولكنني لم أقتنع بذلك لأن كان الصف يتكون من طالبين قطريين و 9 طالبات قطريات ولذلك ظننت أنه غير واقعي. ولكن عند انضمامي إلى العمل صدمت بوجود فرق كبير بين عدد الرجال وعدد النساء، بالإضافة إلى فجوة كبيرة في السن. مثلاً كان الفريق الذي أعمل معه يتكون من موظفين ذو خبرة طويلة وكنت أنا المرأة الوحيدة في فريق يتكون من إحدى عشر رجلاً تقريباً، مما صعب حياتي المهنية كثيراً. أصبحت أميل للصمت في الاجتماعات وتحولت إلى شخص هادئ و خجول للغاية. كانت حقاً تجربة صعبة حيث أني بدأت أشك في قراري باختيار هذا التخصص حتى أنني فكرت في مواصلة دراستي والحصول على وظيفة في مجال التعليم.جلست أفكر: إن مجال التعليم ممتلئ بالنساء فلا بد من أن العمل فيه أسهل من العمل هنا. كنت أعتقد أنني لن أتمكن من البقاء في هذا المجال، ولكن مع مرور الوقت تعلمت التغلب على ذلك الشعور والحمد لله   

كيف تعاملتِ مع الصعوبات المتعلقة بهذه الفجوة في العمل؟              

 

في البداية كنت أظن أنني الوحيدة التي أواجه هذه الصعوبات ولم أدرك أن زميلاتي في العمل كانوا يواجهن نفس العوائق. بعد أن تحدثت معهم لاحظت أننا كنا نواجه نفس المواقف، ومن طبيعتي أنني أحب الاهتمام بالناس من حولي ولذلك تشجعت بمساعدة زميلاتي بالإضافة إلى مساعدة نفسي، وبدأت بإجراء بعض البحوث حتى وصلت إلى خطة عمل. أولاً، يجب أن نحدد أسباب المشكلة لمعرفة سبب عدم ارتياحي في العمل، وإلا لظللت ألوم نفسي وعدم كفاءتي على التأقلم في البيئة جديدة. ولذلك من المهم أن يعرفن النساء أن بيئة العمل مهمة للغاية لتأقلمهم إلى الحياة المهنية ولا يعتمد ذلك فقط على كفاءتهم، كما كنت أظن في البداية. وبالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار حالة الموظفين الموجودين من قبلنا أيضاً، فتدفق النساء القطريات إلى مجال الطاقة شيء جديد بالنسبة لهم كذلك في البداية كنت أظن أنني الوحيدة التي أواجه هذه الصعوبات ولم أدرك أن زميلاتي في العمل كانوا يواجهن نفس العوائق. بعد أن تحدثت معهم لاحظت أننا كنا نواجه نفس المواقف، ومن طبيعتي أنني أحب الاهتمام بالناس من حولي ولذلك تشجعت بمساعدة زميلاتي بالإضافة إلى مساعدة نفسي، وبدأت بإجراء بعض البحوث حتى وصلت إلى خطة عمل. أولاً، يجب أن نحدد أسباب المشكلة لمعرفة سبب عدم ارتياحي في العمل، وإلا لظللت ألوم نفسي وعدم كفاءتي على التأقلم في البيئة جديدة. ولذلك من المهم أن يعرفن النساء أن بيئة العمل مهمة للغاية لتأقلمهم إلى الحياة المهنية ولا يعتمد ذلك فقط على كفاءتهم، كما كنت أظن في البداية. وبالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار حالة الموظفين الموجودين من قبلنا أيضاً، فتدفق النساء القطريات إلى مجال الطاقة شيء جديد بالنسبة لهم كذلك              

Firstly, it is important to identify the source of the problem. Until I understood what was making me doubt my decision to work there, I would not be able to take any steps forward. Accordingly, it is very important that women understand that the workplace environment plays a major role in how they assimilate, and it is not just dependent on their professional ability, as was my mindset at first. Of course, we must consider the impact we have on the existing staff as well. There was an influx of Qatari women entering the engineering workforce after my batch had graduated that may have caused a cultural shock to the existing staff as well.             

ثانياً، من المفيد الحصول على زميله قد تشاركك هذه التجربة أو تتعاطف معها. لحسن حظي تم تعيين معلماً حكيماً في الشركة لي، لم يستمع فقط لمخاوفي بل قدم لي العديد من النصائح المفيدة أيضاً، وإحدى نصائحه كانت أن أبحث عن أشخاص يرغبون في مساعدتي في العمل وأن أذهب إليهم مع أي استفسارات تحيرني. للأسف كان هناك خلل بسيط في هذه النصيحة بما يتعلق بمجال الطاقة وذلك أنه كان لزملائنا الذكور عدد كبير من نماذج القدوة الرجال الذي يمكنهم أن يجتمعوا معهم حتى بعد ساعات العمل. وبالمقارنة حتى يومنا هذا لم تستلم أي امرأة منصب مهندسة فنية في الإدارة العليا في شركتنا قط، ولا أقصد من ذلك أننا يجب أن نحصر أنفسنا إلى قدوات نساء فقط، ولكنه بالتأكيد عامل سيساعد على ذلك، وبالتالي أتمنى أن أرى المزيد من النساء يستلمن المراتب العليا في مجال البترول والهندسة في المستقبل القريب إن شاء الله            

 وأخيراً، بهدف إيجاد مجموعة من النساء الذين يفهمن هذه التحديات، انضممت إلى مركز مهندسي البترول كنشاط خارج العمل. ساعدني المركز على أمرين: أولاً، أبقاني البرنامج على علم بكل ما يحدث في مجال الطاقة، وثانياً، أصبح البرنامج منصة يمكنني من خلالها التعرف على المتخصصين في هذا المجال من شركات مختلفة، وهي ميزة افتقدها في بيئة العمل كوني امرأة. وفي الواقع، قام البرنامج بتعريفي على العديد من النساء الأكثر تأثيراً في مجال الطاقة والذين بالتالي أصبحوا هم قدوتي في العمل. انتقلت من حضور الفعاليات، إلى تنظيمها كعضو في المركز، إلى التحدث في إحدى المؤتمرات: (ليلة مع السيدات في مجال النفط والغاز) والذي نظم من قبل شبكة نساء قطر المهنية.وبالتالي لم أتمكن من التعرف على الكثير من النساء الملهمات في مجالي فحسب، ولكنني أبرزت نفسي كإحدى النساء المبادرات من بينهم. كانت اللجنة التي تحدثت فيها تهدف إلى إعطاء الطلاب فكرة عن طبيعة بيئة العمل في مجال النفط والغاز، وتحدثنا عن العديد من القضايا التي تواجهنا في العمل وكيف تغلبنا عليها. وجذب انتباهي التفاعل الشغوف من قبل أعضاء الجمهور، مما علمني أن معظم الصعوبات التي نواجها كنساء في مجالنا موجودة في المجالات الأخرى أيضاً  

بماذا تنصحين النساء القطريات الذين يواجهن صعوبات بسبب الفجوة بين الجنسين في العمل؟

 

أولا، يجب أن تكوني على علم أنكِ لست وحدك في هذه التجربة. دائماً أقترح بقراءة كتاب “تقدمي إلى الأمام” لشيرل ساندبرج. أثناء قراءتي له دهشت بالتجارب التي ذكرتها الكاتبة وكنت قد مررت بنفس الشيء، أثبتت لي أن الصعوبات التي كنت أواجهها كامرأة في مجال الطاقة هي صعوبات تشمل جميع المجالات في مختلف البلدان. مثلاً، تم تسميتي بعدوانية لمجرد تأكيدي من وجهة نظري بطريقة مماثلة لزملائي الذكور وأعتقد أن ذلك متعلق بعدم تعودهم على مواجهة امرأة في مجال الطاقة تعبر عن رأيها بشكل حازم كما يفعلون هم              

إن وضعت في موقف تمت معاملتكِ فيه بطريقة غير لائقة أظن أنه يجب عليك أولاً أن تقيمِ الوضع نفسه وإن كان يستحق ردة فعل. في الماضي بلا شك كنت سأقول لك أن تواجهِ زميلك، ولكن على مرور السنين تعلمت أن هذا الأسلوب لا يجدي نفعاً في بعض الأحيان بل يمكن أن يزيد من الحساسية بينكم. نصيحتي هي كالتالي: أولاً، تَعلمِ أن تختار ما يستحق تنويهه لهم، فبعض الأشياء تستحق العناء لها والبعض الآخر لا، ولا أقصد من ذلك أن تقبلي الوضع الحالي كما هو، على عكس ذلك، تعلمي أن توجهين العوائق لصالحك. وهذا مرتبط بنصيحتي الثانية: تعلمي أن تسايريهم. ابحثِ عن مرشدة أو قدوة، وانضمِ إلى المجتمعات والأندية، وابحثِ على الدعم من قبل النساء المماثلات لوضعك. ببساطة، قومي بعملك، وتفوقِ فيه، وابتهجِ بإنجازاتك، وافعل ذلك كله بروح طيبة. قد يكون من الصعب عليك اكتساب مكانتك واحترامك الآن، ولكن كفاحك اليوم سيفيد النساء الذين يدخلن المجال في المستقبل    

ما هي المبادرات التي تعمل عليها مركز مهندسي البترول الآن؟             

 

لقد استضفنا العديد من المؤتمرات التي سلطت الضوء على الفجوة بين الجنسين في العمل، بما في ذلك فكرة (السقف الزجاجي) والذي هي مجاز للحواجز التي تمنع النساء من الوصول إلى المستويات العليا من الإدارة. نهدف أيضاً إلى إنشاء منتدى للنساء للالتقاء والتحدث على الانترنت مما سيساعدهم على التواصل مع أشخاص في مجالهم ويعرضهم على قدوات ونساء يشاركن تجاربهم               

يهدف أحد أحدث برامجنا إلى تشجيع الأجيال القادمة أن يصبحوا مهندسات من خلال استهداف طلاب المدارس. لقد لاحظنا أن ثقافتنا تشجع الفتيات نحو الوظائف التقليدية مثل التدريس بدلاً من بعض المهن العلمية مثل الهندسة والطب. ولذلك فإن من أهدافنا التوضيح إظهار للفتيات أنه من الممكن أن يتفوقوا في هذه المجالات من خلال تقديم النساء اللواتي نجحن في مجال الطاقة ليكونوا نماذج قدوة لهم   

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

سأكون صريحة، إنه مجال يصعب النجاح فيه ويتطلب الكثير من العمل والجهد ولكنه بالتأكيد يستحق ذلك في النهاية. إذا كنت تحبين المجال فأنصحكي على أن تصبحي مهندسة وأن تتفوقي في مهنتك وأن تصبحي قدوة لمهندسات المستقبل. لن يكن ذلك سهلاً في البداية، ولكنك تستطيعين فعل ذل 

 

  • كاتبة المقابلة: فاطمة النعيمي.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR