فاطمة إبراهيم السهلاوي

مهندسة معمارية

يلعب المعمار الهندسي دور كبير في رسم معالم الدوحة الحديثة ويعطي قطر بصمة خاصة بها تميزها عن باقي الدول. لولا المهندسين المعماريين البارعين واجتهادهم لما استطاعت قطر على النمو بهذه الطريقة، فعبر مباني مثل فندق الشيراتون ومتحف الفن الإسلامي وسوق واقف تتحول هوية قطر إلى معالم معروفه.لكن عالم الهندسة المعمارية في قطر لا يعلم عنه الكثير، وتفاصيلها تبدوا منحصرة فقط على صُناعها. هذا ينطبق بالأخص للعمارة العربية، عالم مليء بالمعماريين البارعين الذين في الأغلب يغفل عنهم المجتمع بالمقارنة بالعالم المعماري في الغرب المهندسة المعمارية القطرية فاطمة إبراهيم السهلاوي تسعى على تغير هذا الواقع، فعبر القيام ببحوثات خاصة وتجميع الكتب النادرة استطاعت على خلق منصة ثقافية لاستكشاف هذا العالم الغني في هيئة مكتبة أطلس. هذه المبادرة الثقافية الأولى من نوعها في قطر. فمن هي فاطمة السهلاوي؟  

Fatma Al Sehlawi

أنا مهندسة معمارية قطرية، تخرجت من الجامعة الأمريكية في الشارقة بشهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية. بعد تخرجي عملت في شركة الديار القطرية في مشروع "مدينة لوسيل"، بعد اكتساب معلومات قيمة وخبرة في نطاق العمل انتقلت إلى متاحف قطر. بعد فترة ذهبت إلى لندن لأدرس وأحصل على شهادة ماجستير في التخطيط العمراني. في ٢٠١٥ قررت أن اتبع طريقي الخاص وأن أسس مشروع مكتبة أطلس، وفي ٢٠١٧ أسست مكتب هندسي معماري وهو استوديو عمارة

 

ما الذي جذبك للهندسة المعمارية والتخطيط العمراني؟ 

لقد جذبني شيئان لهذا المجال، حبي للفن ورغبتي على تقديم شيء جديد للدولة. في المدرسة كانت ميولي للمواد الفنية تغلب على المواد الأخرى، وشجعني مدرس التربية الفنية آنذاك على أن أدخل هذا المجال في الجامعة لأنه رأى أن لي إمكانية بأن أصبح مهندسة معمارية. الشيء الآخر الذي جذبني لهذا المجال كانت قلة المهندسين المعماريين القطريين في السابق، فأحببت أن أرجع من دراستي للدولة بشهادة تنفعها وتحتاجها. قلة المهندسين المعماريين القطريين كانت بالنسبة لي تحدي أكثر من أن يكون سبب لمنعِ دخول هذا المجال، كان هذا الشيء يحفزني على أن أغير هذه الحالة. اخترت الجامعة الأمريكية في الشارقة لأنها ليست بعيدة عن أهلي، وكان هناك البعض من أسرتي الذين يسكنون في المنطقة مما سهل علي الاغتراب لفترة  

بسبب المتطلبات الكثيرة للتخصص درستُ لمدة سبع سنوات فأخذت وقتي مع كل مادة واعطيتها حقها من الاهتمام لأنجح فيها بتميز. زيادةً على ذلك، عملت لمدة سنة في المجال لأحدد أطروحة التخرج لتكون مبنية على الواقع. عندما رجعت وبدأت اعمل على الهندسة المعمارية بمقياس المباني والغرف والبيوت، أحسست أنه يجب علي أن أعرف هذه الأمور بمقياس أكبر مثل مقياس المدينة والشوارع، مما شجعني على دراسة الماجستير في التخطيط العمراني   

 

كيف كانت تجربتك في العمل هنا على المشاريع المعمارية؟  

عندما رجعت إلى قطر في ٢٠٠٩ كان هناك الكثير من الإقبال على مشروع مدينة لوسيل بسبب كونه مشروع جذاب من عدة زوايا (الفريق، المشروع ذاته، الراتب، بيئة العمل إلخ)، مما شجعني على العمل في هذا المشروع. كان فريق العمل رائع جداً وكان مديري يساعدني كثيراً ويرشدني في العمل مما علمني الكثير عن طبيعة الهندسة المعمارية في قطر. لكن مع أن المشروع كان معماري لم أُصمم أي مبنى، ولم أعمل على توثيق التصميمات فكنت أعمل كمديرة مشروع. في البداية كنت متقبلة طبيعة عملي لأني كنت أتعلم الكثير وأُكون علاقات مفيدة، لكن وصلت مرحلة أحسست أني لا أتعلم شيء جديد وبدأت أشتاق للأعمال الهندسية نفسها مما أداني إلى البحث عن وظائف أخرى. في ذاك الوقت لم أجد العديد من الفرص للعمل على التصميم المعماري وعلى المشاريع المعمارية ومعظم الوظائف كانت عبارة عن إدارة المشاريع عندما ذهبت إلى بازل ـ سويسرا مع فريق مشروع مدينة لوسيل التقيت بالصدفة مع فريق من متاحف قطر. بعد النقاش معهم رأوا أن لدي القدرة على أن أفيدهم وأستفيد منهم، فحولت لهم وهذه النقلة افادتني كثيراً لأن ما افتقدته مهنياً في مشروع مدينة لوسيل وجدته في متاحف قطر في البداية دعت متاحف قطر مهندس معماري مشهور من هولندا اسمه "رِم كولاس"، وأرادت الهيئة أن أعمل معه وأتتبع أعماله لأتعلم منه وأساعده في التعرف على طبيعة البلاد من ناحية مواطنيها وبيئتها الطبيعية وطبيعة المواد التي نستخدمها في البناء. بسبب هذه الوظيفة قمت بالكثير من البحوثات. كانت هذه التجربة رائعة ومفيدة لأنها كانت أول مرة أعمل مع مهندس معماري على أرض الواقع، حتى مع خروجي من متاحف قطر لا زلت أعمل معه إلى الآن على مشاريع أخرى في أمل أن أجلب هذا النوع من الخبرة إلى قطر  

ما كانت الفكرة خلف مكتبة أطلس؟

عندما كنت أدرس في الجامعة كانت معظم الأمثلة المعمارية للتطبيقات العملية تأتي من العالم الغربي ولم نتعلم عن فن العمارة في الشرق الأوسط إلا في سياق تاريخي بدل أن ننظر إليها من منظور معاصر. هذا لا ينطبق فقط على برامج الهندسة المعمارية في العالم العربي بل أيضاً في البرامج العالمية، لأني مررت بنفس التجربة عند دراستي للماجستير في لندن مع أنه كان تخصصي يغطي الشرق الأوسط. لهذا السبب بدأت أبحث وأقرأ كتب ومقالات ونظريات الدكتوراه عن المنطقة وتاريخ العمارة وكيف تطورت في الشرق الأوسط. بسبب بحثي أصبح لدي مجموعة كبيرة من الكتب في المنزل تتمحور حول هذا المجال، وكانت هذه الكتب تأخذ مساحة كبيرة في المنزل مما أدى تشجيع والدتي على إيجاد مساحة أخرى لهذه الكتب، فقررت أن أبحث على مساحة أستطيع أن استخدمها وأشارك فيها غيري لينتفعوا من هذه الكتب القيمة، مما أدى إلى إنشاء مكتبة متخصصة في العمارة والعمران في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معظم الكتب في مكتبة أطلس ليست للبيع بل للاستعارة والمطالعة، لأن معظم الكتب نفذت طباعتها أو هي من الكتب النادرة. كانت هناك بعض الصعوبات في الحصول على الترخيص لفتح المكتبة من قبل وزارة الثقافة و الرياضة لكن استطعنا على اجتيازها. بعد الحصول على ترخيص بدأت أبحث عن مكان للمكتبة، وبالصدفة لدى بحثي طلب فندق الشيراتون شخص يقوم ببحث عن تاريخ شركة قطر للفنادق، (مسماها الآن "كتارا للضيافة") -التي تملك فندق الشيراتون- وتعاقدت معهم على أن أقوم بهذا البحث وأن أنظم جولات تعريفية لاستكشاف معمار المبنى، وأن أكتب عن تاريخ المبنى بشرط أن أخذ مساحة في الفندق للمكتبة ووافقوا على ذلك وفتحت مكتبة أطلس في فندق الشيراتون   

الجولات التي نوفرها لا تنحصر فقط على مبنى فندق الشيراتون، بل لدينا أيضاً جولات أخرى في أماكن معينة في المدينة مثل منطقة الأصمخ، جامعة قطر، مشيرب الغربية، ومدينة الشمال. في جولتنا لفندق الشيراتون لا نغطي فقط عمارة وهندسة المبنى، بل ننظر أيضاً إلى تاريخ المبنى قبل نشأته من ناحية نمو الفكرة وأسباب اختيار. الشيء الجميل في هذه الجولات أن لكل شخص في قطر علاقة خاصة ومختلفة مع فندق الشيراتون، ومحتوى هذه الجولات مبنية على بحث دقيق حول العمارة لإيصال معلومات شاملة وصحيحة المكتبة لها دور أكبر من تخزين وعرض الكتب، فنقوم أيضاً بالبوحثات عن التخطيط العمراني في الشرق الأوسط وغيره، وننشر كتب، ونخطط معارض أيضاً.  

هناك أيضاً جانب آخر للمكتبة، ألا وهي أنها مكتبة متنقلة حيث أن أخذنا أجزاء منها خارج قطر في معارض دولية. نقلنا جزء منها لفترة محددة إلى الكويت في ٢٠١٦ لمعرض أقيم في حديقة الشهيد، وكان موضع المعرض "عصر النهضة في الكويت ما بين ١٩٦٥ـ١٩٨٩"، فأحضرنا كتب عن النهضة المعمارية في الكويت للمعرض. وأيضاً نقلنا جزء آخر من المكتبة إلى دبي في مارس ٢٠١٧، وإلى البحرين في نهاية ٢٠١٧، وجزء ذهب إلى مدينة بازل في ٢٠١٧ أيضاً. الفكرة من هذا التنقل أن ننشر الثقافة إلى مدن أخرى ونفتح باب الحوار حول المعمار من هذه المنطقة. سيكون لنا معارض مستقبلية في المملكة المتحدة وفي الأردن ونتمنى أن نوسع نطاق هذا التنقل إلى مناطق أخرى أيضاً

من هم زوار المكتبة؟

معظم زوار المكتبة هم أكاديميون وباحثون في المجال، وهناك زوار الفندق الذين يكتشفونها بالصدفة ويعجبهم محتوى المكتبة. هناك فئة أخرى وهم الذين يجمعون الكتب النادرة في هذا المجال، ويتواجد إقبال كبير منهم، حتى أن في بعض الأحيان يتبرعون بعضاً من كتبهم لأحافظ عليها وأعرضها للمشاركه مع الآخرين. لكن معظم الإقبال يأتي من الطلبة والذين يعملون في المجال الأكاديمي، وهذا لا يشترط فقط على سكان المنطقة 

هل لديك أي من المخططات المستقبلية لمكتبة أطلس؟

  قمنا من أيام وجيزة من إكمال مشروع معرض بعنوان "نهضة الدوحة: ١٠٥٠ – ٢٠٣٠" والذي كلفتنا متاحف قطر أن نعمل عليه، وهو أول معرض مؤقت في متحف قطر الوطني، يروي قصة التطور العمراني في مدينة الدوحة. أتمنى أن يكبر دور المكتبة في العالم الأكاديمي المعماري، بالأخص في جامعة قطر، لأن لها القدرة بأن تنموا أكثر عبر جعل الطلاب يستكشفون العمارة المحلية وأن يدرسوها كما يدرسون العمارة الغربية. هذا النمو لا ينطبق فقط في قطر، بل أيضاً على الجامعات الأخرى لأن معظم المعماريين الذين يدرسون عنهم الطلاب هم أجانب، لكن بعدما قمت بالبحث اكتشفت أن هنالك الكثير من المعماريين العرب الذين ساهموا في بناء المباني في قطر والعالم العربي الذي يجهلهم الكثير، وهذا مؤسف للغاية لأن هؤلاء المهندسين المعماريين لهم القدرة على إلهام الطلاب أيضاً س   

 

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

أنصح كل مهندسة معمارية طموحة بأن لا تقف فقط عند وظيفة إدارة مشاريع لأن أرى هذه الوظيفة لا تعطي الفرصة على ممارسة التطبيق العملي أو الأكاديمي للهندسة المعمارية، فأنصح بعد أخذ خبرة من هذه الوظيفة أن يأسسوا مشروعهم الخاص ويساهموا في الهندسة المعمارية في البلاد   

 

مقابلات مشابهة

Aisha Saleh Al Maaded

عائشة صالح المعاضيد

يظل المجتمع المحلي الداعم الأول لاستدامة البيئة المحلية، ولذا شهدت الدولة إطلاق العديد من المبادرات البيئية التي تهدف إلى توعية المجتمع بالمشاكل البيئية، ومنها مبادرة مستقبل أخضر، وفي هذه المقابلة تحدثنا صاحبة المبادرة عائشة صالح المعاضيد عن المبادرة، وعن رحلتها الشخصية في توعية المجتمع عن البيئة

إقرأ المزيد
Buthaina Mohammed Al Janahi

بثينة محمد الجناحي

أثبتتْ الكاتبةُ بُثَيْنَةُ محمد الجناحي أنَّ المشروعَ لا يتطلبُ إلا العزيمةَ والإصرارَ، فعبر خبرتِهَا المرموقةِ تقومُ بثينة على تغييرِ الواحةِ الثقافيةِ القطريةِ شيئًا فشيئًا

إقرأ المزيد

العنود الكواري

published 18/09/2019

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR