نساء قطر

عائشة محمد المفتاح

مؤسسة شركة "رحلاتي"

سفر النساء لوحدهن قد يشكل تحديًا، لكن تقوم عائشة محمد المفتاح بتسهيل ذلك عن طريق مشروعها: "رحلاتي"، تصنع لهن فرصة الاستمتاع واستكشاف العالم عن طريق تسهيل السفر لهن في جماعات نسائية، موفرة لهن الحماية وراحة البال، فصاحبة مقابلة اليوم هي السيدة عائشة محمد المفتاح صاحبة شركة "رحلاتي" التي أحبّت السفر لدرجة أنها حولت السفر إلى مهنة، فمن هي عائشة محمد المفتاح؟

     سأعرّف نفسي بالجملة التي عرفني بها الناس، ألا وهي: "عائشة اللي تسوي الشيء اللي تحبه"، لأن كل الوظائف التي عملتُ بها وكل التجارب التي خضتها، كانت بدافع الحب، أي حب القيام بذلك، وينطبق هذا على اختاري لتخصصي في الدراسة الجامعية، كما ينطبق الآن على شركتي والسفرات التي أقوم بها، فمن الناحية التعليمية كنتُ مغرمة كثيرًا بالحاسوب والبرمجة، ولهذا تخصصتُ في علوم الحاسب، وبعدها ازداد شغفي بالتحسين والتطوير والجودة، وبالتالي قررتُ متابعة الدراسة والحصول على ماجستير في إدارة الأعمال، وتخصصتُ حينها تحديدًا في التطوير المستمر، والسفر أيضًا من الأمور التي أحب القيام بها، فحولتها إلى مشروعي الخاص، وهذه هي تعريف عائشة: "تفعل ما تحب".

  • كيف كانت رحلتكِ التعليمية؟

     كانت الرحلة مليئة بالتحديات والدروس، في بداية الأمر، كنتُ أريد التخصص في الطب، ولكنه لم يكن متاحًا في جامعة قطر في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أن درجتي النهائية في التعليم الثانوي لم تكن تؤهلني لدراسة الطب، لذلك كانت قائمة التخصصات المتاحة لي حينها محدودة، بالأخص وأنه تم قبولي في كلية التربية دون غيرها، حينها اخترتُ أن أدخل قسم الرياضيات، لأنني كنت مولعة بالرياضيات منذ أيام المدرسة، ورأيت فيها مادة تداعب العقل، أو كأنها لعبة أو أحجية يمكن حلها. وحينها كنت سعيدة أيضًا لأنني لم أدخل تخصص الطب، فقد تبيّن لي فيما بعد أنني لم أكن مهتمة بهذا التخصص، وإنما كانت رغبتي فيه ناتجة عن تأثير المجتمع المحيط بي، لأن معظم العائلات تريد لأبنائها أن يكونوا أطباء، لكن مثلما اخترتُ الرياضيات حبًا في المادة، قررتُ ألا أكمل في ذلك التخصص لعلمي أنني لن أحب العمل كمعلمة، فقد لاحظتُ أنني لا أستمتع بالتدريس حين كنتُ أدرّس إخوتي، ولم يكن لدي الصبر الكافي للطلاب، وأعلم أن كل هذا قد لا يجعلني معلمة جيدة في المستقبل، وكالعادة قررتُ أنني لن أسير في طريق لا يعجبني، لذا وبعد فصل واحد فقط في تخصص الرياضيات، قررتُ عدم المواصلة فيه.

     وفي ذلك الوقت كانت جامعة قطر لديها نظام يسمى بالنظام الموازي، والتعليم الجامعي حينها كان مجانيًا للقطريين، إلا أن الدراسة في هذا النظام لم يكن مجانيًا، بل عليك دفع رسوم دراسية، ومتابعة الدراسة في الفترة المسائية، عندها عرفتُ أن هناك أمل في أن أمشي في طريق تعليم يستهويني أكثر، فاتخذت خطوة جريئة، في بادئ الأمر لم أخبر والدي أو إخوتي بموضوع تغيير تخصصي بل حتى تغيير نظام الدراسة، وأخبرتُ أمي فقط، لأنني كنتُ أخشى من ردة فعل المحيطين بي وتثبيطهم لعزيمتي، كما أنني لم أرغب لوالدي أن يتحمل العبء المالي لذلك النظام، كنت أشعر حينها أن التحويل من دراسة مجانية إلى دراسة مدفوعة التكاليف هي قرار واختيار شخصي، وعلي أن اتحمل اختياراتي، ولكن كل ذلك لم يكن عائقًا في طريقي، لأنني قررتُ البحث عن عمل يمكّنني من دفع رسوم الدراسة، وتوظفتُ حينها في البنك التجاري، مما مكّنني من تغيير نظام دراستي إلى النظام الموازي، والتحقت بكلية الهندسة في جامعة قطر واخترت تخصص علوم الحاسب الآلي.

  • ما الذي شجعك على دراسة علوم الحاسب؟

     لقد كنا ندرس مادة تكنولوجيا المعلومات (IT) في المدرسة، وكنتُ أراها مادة مشوقة خاصة أن تعليمنا كان في بدايات تطور التكنولوجيا، وكنتُ مبهورة جدًا بذلك وبرسائل البريد الإلكتروني وكيف يتم إرسالها واستقبالها، وقد تضحكون الآن عندما أتكلم عن انبهاري بهذه الأشياء البسيطة، لأن الآن حتى الأطفال يعرفون هذه الأمور، ولكن في وقتنا ذاك كان كل شيء في بدايته. ووفقني الله لمتابعة الدراسة في كلية الهندسة وأبحرت في علوم البرمجة، وتخرجتُ منها في عام 2007م، وبعد تخرجي عملتُ في مجال البرمجة وتحليل الأنظمة، وكنتُ شغوفة بالتعلم والبحث في هذا المجال وعن كل ما له علاقة في التطوير، فالبرمجة تعني التطوير، كأن تطور عملية يدوية تقليدية وتحولها إلى عملية إلكترونية، فيساهم هذا التطوير - إذا كان بالشكل الصحيح - في رفع كفاءة الأداء وسرعته في المؤسسات، وتجنب هدر الوقت والطاقات، وكنت أستمتع بكل ذلك، وهذا ما جعلني أكمل دراسة الماجستير، وتخصصت في التحسين المستمر، وبعدها عملت في إدارة الجودة والتحسين المستمر.

  • صفي لنا تجربتكِ في العمل والدراسة في نفس الوقت.

      إن دراسة تخصص علوم الحاسب ليس أمرًا هينًا، وتحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، كما كان عملي في البنك له تحدياته، ولم يكن عملاً يمكن التهاون فيه، لذا أعتقد أنني كنتُ أعيش وقتها حياة عملية فقط، لكن هذا لا يعني أنني لم أكن أستمتع في نهاية الأسبوع، ومع أنني ذكرتُ تحديات تلك الفترة، إلا أنني بصراحة كنتُ أستمتع بوقتي، ولم أشعر بأي عبء، لأنني كنتُ أقوم بالعمل الذي أحبه، والبعض قد يرى أنني أضعتُ فترة مراهقتي بين الجامعة والعمل، ولكنني لم أشعر بذلك أبدًا، ولا أشعر أن هناك ما فاتني، نعم، أوافق أنني لاحظتُ أن حياتي كانت عملية أكثر من غيري، مثلاً كنتُ أرى زميلاتي يجتمعن للدردشة مع بعضهن، أو يذهبن معًا خارج الجامعة للمطاعم وغيرها، إلا أنني لم أكن أرغب بكل ذلك، وكنتُ مقدرة و مهتمة بما اقوم به، ولم أشعر بأي نقص في تجاربي.

     ولكن كل هذا لا يعني أن التوازن بين العمل والدراسة كان سهلاً، لأن الإنسان حتمًا سيواجه ظروفًا خارج إرادته، مثلاً، كنتُ أدرس في الفترة المسائية، لكن جامعة قطر لم تكن تطرح العديد من المواد خلال تلك الفترة، لذا توجب علينا الحضور للجامعة صباحًا، وهذا تعارض مع عملي، ثم غيرت الجامعة نظام دراستنا، وتم إلغاء تخصص علوم الحاسب من النظام الموازي لانسحاب أغلبية الطالبات من هذا التخصص، فحُوِّلنا نحن – طالبات النظام الموازي- للدراسة في الفترة النهارية، وكانت هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لي، لأنني أصبحتُ مخيّرة بين عملي ودراستي، وبكيت كثيرًا وقتها، لأن هذا حلمي ولا أريد أن أتركه، وفجأة طرأت علي فكرة تغيير وظيفتي في كهرماء إلى وظيفة في خدمة العملاء، لأنهم يعملون في الفترة المسائية، وقد استنكر زملائي ومديري في العمل طلبي للنقل، لكن عندما شرحتُ لهم أسبابي، تعاون معي مشرفي ونقلوني إلى القسم الجديد، فتسهلت الأمور، ولذا أؤمن أنه عندما يكتب الله لنا شيئًا، فإنه ييسر لنا الطُرق أيضًا، وأنا شديدة الإصرار على المواصلة، ولطالما كنتُ كذلك، فعندما أقرر السير في طريق ما، فإنني لن أتوقف، ولن أرمي المسؤولية على غيري، وتحمل المسؤولية أمر تعلمته من والدي، فقد كان يكرر: "إذا نجحتِ، فلنفسك، وإذا سقطتِ، فلنفسك"، وهذه الجملة عودتني على تحمل المسؤولية.

  • كيف كانت تجربة العمل في كهرماء؟

     كانت تجربة مُثرية، ووفرت لي فرص للتعلم من خلال الدورات التدريبية في مجالات مختلفة، كما تم تدريبنا في مؤسسات أخرى لاكتساب الخبرة، وأتذكر منها فترة تدريبي في شركة قطر للبترول، وأحيانًا كنتُ أتساءل ما إذا كنتُ سأستفيد من هذه التجارب في المستقبل، وأعلم اليوم أنني استفدتُ منها كثيرًا، مثلاً اضطررتُ إلى التعامل مع مختلف الجنسيات، والتواصل معهم بغض النظر عن الحواجز اللغوية و الفكرية، وهذا يساعدني الآن في عملي مع المرشدين السياحيين، وتقبل جميع الشخصيات المختلفة التي قد تمر علي بين المسافرات معي في رحلاتي. وعودة إلى عملي في مؤسسة كهرماء، فقد استمررت في العمل فيها حتى آخر سنة لي في الجامعة، حينها قدمتُ استقالتي لأنني أردتُ وضع كامل انتباهي في مشروع تخرجي والذي لم يكن سهلاً ويحتاج إلى الكثير من الوقت، لذا فضلتُ الاستقالة، ولكن قصتي مع كهرماء لم تنتهي في تلك السنة، فقد عدتُ للعمل فيها بعد تخرجي من الجامعة، ولكن في تلك المرة بدأتُ العمل كمحللة نظم، ثم ترقيتُ إلى محللة نظم أول، وبعدها ترقيتُ إلى إخصائي أول للتحسين المستمر، واستمريتُ في ذلك العمل حتى تقديم استقالتي في عام 2018م.

  • ما الذي شجعكِ على مواصلة الدراسة للحصول على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال؟

     لطالما كنتُ مهتمة بتطوير الذات ويجذبني التطوير في كل المجالات، وربما كانت لمقولة والدي التي ذكرتها سابقًا تأثيرًا في ذلك، كما أنني لاحظتُ استمتاعي بالعمل في مجال تطوير العمليات الورقية إلى إلكترونية سهلة، لذا قررتُ دراسة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة لينكولين في بريطانيا، لأتعلم المزيد عن هذا الموضوع، وكيف يمكننا توظيف التطوير المستمر في مجال عملي في ذلك الوقت في المؤسسة القطرية العامة للكهرباء والماء - كهرماء، وأن أزرع هذا الفكر التطويري وأنشره بين أبناء قطر عامة، وذلك تماشيًا مع رؤية قطر المستقبلية 2023م، وهذا كان محور رسالة الماجستير، والحمدلله كان بحثًا ناجحًا جدًا لدرجة أنه تم ترشيحي للتدريب في شرطة دبي لزيادة معرفتي وتطوير قدراتي التحليلية في مجال التطوير والجودة، فشرطة دبي تعد من أكثر المؤسسات الإقليمية تميزًا، سواءً في إدارة الجودة والتحسين المستمر في العمل والأداء أو في تحسين الموظف وأفكاره، فالموظف كنز بالنسبة لهم، وكانت هذه أحد أجمل التجارب وأثراها والتي ابهرتني بعلاقة الموظف بالعمل و شغف التحسين والجودة من جهة أخرى.

  • كيف بدأتِ شركتكِ "رحلاتي"؟

     أتتني فكرة المشروع بعد انتهائي من برنامج الماجستير، حين أردتُ أن أبدأ مشروعي الخاص على أن يكون مشروعًا يخص ما أحبه، والسفر واكتشاف الأماكن الجديدة من الأمور التي أحبها جدًا. خلال فترة دراسة الماجستير كنتُ أستغل اجازاتي للسفر لأماكن جديدة واكتشاف مناطق وقرى جديدة، حتى أنني أحيانًا كنتُ لا أعود إلى الدوحة في الإجازات خلال دراستي، بل أذهب للسفر إلى أماكن أخرى، وأحيانا إذا زاد الشوق للدوحة والأهل أو في المناسبات مثل زواج أحد الأقارب أرجع للدوحة في عطلة نهاية الأسبوع وأرجع لبريطانيا وللجامعة بعدها مباشرة، وكان يهمني أن أرى العالم وأن أنطلق، وأن أستمتع بكل تفاصيل الجمال المحيط بنا، وكنتُ أنشر صورًا من رحلاتي على تطبيق "الإنستغرام"، ولكن كنشاط شخصي، لكني لاحظتُ أن الناس كانوا يرغبون في رؤية المزيد من تلك الرحلات، وكان ذلك مع بداية تطبيق "سناب شات" ، فكان البعض يطلب مني تصوير رحلاتي حتى يتابعوا يومياتي، وهنا ولدت الفكرة، وقررتُ أنني بالفعل أريد أن أبدأ مشروعي، فالآن عليّ أن أكسب جمهوري عن طريق مشاركتهم رحلاتي ويومياتي خلال تلك الرحلات، حتى تتكون علاقة بيني وبين المتابعين، علاقةً كأنهم يعرفونني شخصيًا، وكانت هذه هي الخطوة الأولى، خطوة نسميها في عالم التسويق: جمع العملاء ثم طرح المنتج.
     وبدأتُ بالمشروع في عام 2016م، حين كنتُ موظفة، ولذا كنتُ أقوم بتلك الرحلات خلال إجازاتي وخلال إجازة الأعياد، أي بحدود 5 – 6 سفرات في السنة، وكان هدفي الأساسي هو الاستمتاع بتلك الرحلات، وليس الربح المادي، بل إنني كنتُ أنفق من مالي الخاص حتى يستمتع الجميع، وما كان يهمني هو نشر السمعة الحسنة عن المشروع، وأن يتحدث عنه الناس على أنها كانت رحلة ممتعة.

     وبدأتُ بالمشروع في عام 2016م، حين كنتُ موظفة، ولذا كنتُ أقوم بتلك الرحلات خلال إجازاتي وخلال إجازة الأعياد، أي بحدود 5 – 6 سفرات في السنة، وكان هدفي الأساسي هو الاستمتاع بتلك الرحلات، وليس الربح المادي، بل إنني كنتُ أنفق من مالي الخاص في بعض الأحيان حتى يستمتع الجميع، وما كان يهمني هو نشر السمعة الحسنة عن المشروع، وأن يتحدث الناس عن الرحلة على أنها كانت رحلة ممتعة، وتسمى هذه الخطوة في عالم الأعمال: كسب ثقة العملاء وتوطيد الصورة النمطية عن المنتج.

وأتذكر إلى الآن رحلتي الأولى التي أعلنتُ عنها، وكانت رحلة إلى جنوب فرنسا، وقتها لم تكن وجهة مشهورة عند أغلب الناس، وكان الاعتقاد السائد بأنها وجهة لمحبين البحر والسباحة، خاصة أن فرنسا لا تسمح بملابس السباحة المحتشمة، إضافة الى ذلك فإن فكرة السفر في مجموعة نسائية كانت فكرة جديدة حينها فأغلب المتابعين والمتابعات يترقبون هذه الرحلة ومدى نجاحها، والكثيرات كن متخوفات من نظرة المجتمع. فلم يسجل في هذه الرحلة إلا واحدة فألغيتها، لكن لم أيأس وأعلنتُ عن رحلة ثانية إلى سويسرا، فسجلت فيها 6 سيدات، وكانت هذه أول رحلة فعلية، وكنتُ قد أسميتها "رحلة اقتصادية"، لأنها لن تعود بأي ربح مادي، فالمبلغ الذي قاموا بدفعه لي، تم صرفه خلال الرحلة، ولكنها كانت رحلة جميلة جدًا، فقد بدأ الناس بملاحظة إيجابيات الرحلة وجمال البلد الذي كنا به، وكيف كنا نتجول في أماكن جميلة، وقد كنتُ كثيرًا ما أقرأ عن البلدان وأزقتها، خاصة الأماكن التي لا يزورها الكثيرون، ولم أكن أرغب بأن أحتفظ بتلك المعلومات لنفسي، بل كنت ومازلت أحب مشاركتها مع المشتركات في رحلاتي، وأن آخذهن لزيارة الأماكن التي تعتبر جواهر مخفية عن السائح التقليدي، وأذكر أن الرحلة كانت لمدة 9 أيام تقريبًا.

  • كيف يمكن للجمهور التسجيل في الرحلات التي تقومين بها؟

     أعلن عن الرحلات من خلال حسابنا على "الإنستغرام" و"السناب شات"، ويمكنكم الاستفسار والتواصل معنا من خلال هذه التطبيقات، لكن التسجيل في الرحلات يكون عن طريق "الواتس أب" لأنه أسرع، ولتأكيد التسجيل يجب على العميلة دفع الرسوم او عربون في بعض الاوقات، فقد مررتُ بتجارب سيئة علمتني اكثر كيف احمي عملي، فمثلاً ينسحب البعض من الرحلة بعد حجزي للفندق ودفعي للحجز، وغيرها من تجارب مكنتني من تطوير شروط وقوانين رحلاتي لضمان جودة الرحلات ، وبمجرد أن تنطبق كافة الشروط على المسجلين، وبعد أن يدفعوا الرسوم المخصصة للرحلة، يتم تسجيل أسماءهم في القائمة، وهكذا حتى تمتلئ القائمة ويغلق التسجيل. وجميع الرحلات التي أقوم بها مخصصة للنساء فقط، وقد تشارك معنا بعض الأمهات مع بناتهن الصغيرات، والكثير يطلب مني رحلات عائلية كأم وأب وأبناء او رحلات مختلطة ، لكني اعتقد أنه في الوقت المناسب سيسهل الله هذا الأمر لي.

  • بما أن شركتكِ تعتمد على السفر إلى الخارج، هل شكّل فترة وظروف كوفيد-19 أي تحدي لشركتك؟

     شكلت تلك الفترة تحديًا كبيرًا بالنسبة لي، بل هي كانت أقرب إلى الصدمة، ليست فقط صدمة مالية بل أيضًا صدمة نفسية واجتماعية، لكن أكثر ما أزعجني نفسيًا هو قلق البعض علي وقولهم لي: "تركت عملك الحكومي والآن ليس لديك شيء، بينما نحن لازالت رواتبنا تدفع لنا"، كلام صحيح، لكن تلك الفترة علمتني دروسًا عديدة، منها أنه عليّ أن لا أعتمد على الرحلات كمصدر وحيد للدخل، فعلى الرغم من استمتاعي بهذا العمل إلا أنه يجب علي أن أجد لي عملًا يدعمني طوال العمر.

     وفي بداية أزمة كورونا، كنتُ أراها فترة ستنتهي قريبًا، ولكن عندما ألغت الرحلات وأغلقت الدول مطاراتها، وعزوف المشتركات عن السفر وعدم تمكنهم من السفر بسبب القوانين المفروضة والخوف من المرض، وقعت في مشكلة كبيرة مع الفنادق و مسيرين الرحلات، بعضهم قبل التأجيل والبعض الآخر ألغى بدون ارجاع أي مبلغ حسب العقد بيننا، وازداد الضغط علي، فقد دفع لي العديد من العملاء، وكانوا في انتظار رحلاتهم، وبعضهم لم يتفهم الوضع، وطالبوني بإعادة الرسوم بلهجات حادة وقاسية، وعندها اضطررتُ إلى الدفع لهم من مالي الخاص.

     وشكّل كل ذلك ضغطًا كبيرًا علي، وكأن هناك الكثير من الأشياء التي تثقل أكتافي: أموال الناس ومطالباتهم بها ، وكان البعض يعايرني بأنني تركتُ عملي، ولم أكن أعرف ما يتوجب علي فعله، وكنت أقول لنفسي أن ما سأخسره الآن سيعوضني الله بكل تأكيد، حتى وصلتُ مرحلة لم يبقى في حسابي البنكي إلا مبلغ بسيط، قررت حينها الهرب من قسوة كل شيء محيط بي، وتحسين نفسيتي وطبعاً بالسفر، واستخدمت آخر مبلغ موجود في حسابي، وكل ما أفكر به هو الآن واللحظة، وكيف أرجع عائشة إلى توازنها. فحجزت في شقة لمدة أسبوعين في لندن وهي مدة الحجر، وجلستُ هناك قرابة الشهرين في بريطانيا ومدنها، وخرجتُ منها وسافرتُ إلى تركيا وسبحان الله كانت أموالي مباركة والله باركها لي، ولذا أعلم أنه دائما معي وبجانبي.

     لم تفرض تركيا أي قيود صارمة بسبب كورونا، ففكرتُ بأن أُعلن عن رحلة إلى تركيا، وشجعتني عليها صديقتي بما أنني كنتُ على وشك الإفلاس، فلابد لي على الأقل من المحاولة، وبالفعل سجل في هذه الرحلة 10 أشخاص، وكنتُ في رحلات تركيا عادة لا أقبل أكثر من 12 شخصًا، وذلك لأنني آخذهن إلى بعض القرى الصغيرة التي بها شوارع ضيقة، ولا يمكن للحافلات الكبيرة دخولها، وتمت الرحلة ونجحت بحمد الله، وأعلنتُ عن رحلة أخرى بعدها بشهرين، وكانت تلك الرحلة في عام 2020م.

     وهكذا خرجتُ من أزمة كورونا، ولكن بعدها بدأتُ العمل كالمحرك فلابد لي من التعويض، فما زال هناك فنادق وأشخاص لازلتُ مدينة لهم حتى فترة قريبة، وهذا ما جعلني آخذ رحلات كثيرة متتالية لأعوض عن كل شيء، والحمدلله خرجت من هذه الأزمة، وقررت أن أتوقف قليلاً، فأنا بالفعل تخطيتُ هذه الأزمة، ولستُ مدينة لأحد، ويجب علي التأني، فقد أصبحتُ أقوى وأكثر معرفة، ولا أخاف من أي ظرف مفاجئ قد يطرأ، وهذا ما أعمل عليه الآن.

  • كيف كانت ردة فعل من حولكِ تجاه فكرة شركتكِ؟

      كنت أتوقع أن إخوتي ووالدي لن يشجعونني على الفكرة، إلا أنني فوجئتُ بتشجعيهم، خاصة والدي الذي كنتُ قلقة جدًا من إخباره، إلا أنه ابتسم حين أخبرته بالفكرة، وكأنه لم يستغرب من أفكاري المجنونة، كانت ابتسامته علامة الموافقة بالنسبة لي. أما النساء من عائلتي، فقد كانت ردة فعلهن الاستغراب وكن يشككن نوعًا ما من نجاح الفكرة، و يتسائلن هل سيتقبل المجتمع؟ وهل ستقدم السيدات على التسجيل في هذه الرحلات، وطبعًا انقلب الموضوع، وكنّ هؤلاء أولى زبائني.

      وأتت هذه الفكرة من حبي للسفر وجمع المعلومات التاريخية و السياحية لكل بلد، والمضحك أنني كنتُ أجمّع العديد من المعلومات عن الدولة، وأكتبها وأقرأها لعائلتي عندما نسافر كعائلة قبل بدء مشروع رحلاتي بكثير، وكنت ألاحظهم ينصتون لمدة معينة ثم يبدأون بالانصراف عني وعن معلوماتي الكثيرة، ومن هنا اكتسبتُ العديد من المهارات في تسيير الرحلات الجماعية، منها معرفتي عن ماذا أتكلم وكمية هذا الكلام، وما إذا كانوا مهتمين بالموضوع، أم أنهم يريدون الصورة العامة عن الموضوع فقط، فاستفدتُ من أهلي كثيرًا، وكل انتقاد وصلني منهم أرى أنه أفادني بطريقة أو بأخرى، وحتى الذي لم يفدني أكسبني قوة، كما لاحظت أن قلة من أقاربي في البداية كانوا يشعرون بالإحراج نوعًا ما من عملي، ويستغربون من فكرة أخذي للناس للسفر، ولا أعلم ما هو الشيء المحرج بالنسبة لهم بالضبط، ولكن تغير كل شي الآن، وأصبحت أعجبهم، بل أصبحوا يشجعون هذه الفكرة وبشدة! وهذا لأنهم أهلي، وقريبين مني وأستطيع أن أستمع لآرائهم الصريحة.

      وسأكون صريحة معكم، هناك قليل من التعليقات المزعجة التي تصلني في مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص لم يجربوا السفر في مجموعات ولكي أكون أكثر دقة، لم يجربوا السفر مع رحلاتي، ولكن بسبب عنادي كنتُ أسمع كل آرائهم وأتابع السير ولا أظهر تأثري بكلامهم، ولكن إلى يومنا هذا ما زلتُ أنزعج أحيانًا من بعض التعليقات التي تصلني لكن لا أتأثر بها كما كنتُ بالسابق، أعتقد ان تأثري بهذا الكلام السيء سيضيع من وقتي ومن مشاعري الكثير، لكن في النهاية أنا إنسانة، وأحيانًا أفكر لماذا قيل لي ذلك؟ وفي كثير من الأحيان أبرر بعض تصرفات هؤلاء، فقد تكون لا تقصد ما فهمته منها، ومع الوقت أنسى الموضوع، ولكن مهما ضاق صدري بسبب الكلمة السيئة التي قيلت لي، إلا أنني لستُ كالسابق أبدًا، أنا أفضل بكثير وأقوى، بالإضافة إلى صريحة مع نفسي، وراضية عن ذاتي، فإن أعجبتهم أعجبهم، وإن لم أعجبهم فهذه مشكلتهم، وهذه الجملة سمعتها من أحدا طالباتي اسمها "مضحوي"، عندما كنت معلمة لفترة قصيرة وعلقت في ذهني، فكنت أقول لها إن أردتِ أن أحبك إفعلي كذا وكذا (فيما يتعلق بالدراسة)، فقالت لي: "والله يا أبله ( يا معلمة )، إن كانش تحبيني، الله يحبش، وان ما حبيتيني بعد كيفش"، فكأنها أعطتني حكمة، فهي لم تنسب شيء لنفسها، وربطت حبي لها بحب الله لي، وإن لم أحبها فهذا لا يخصها، وما زلتُ أعيش تلك الحكمة إلى يومنا هذا.

  • حدثينا عن رحلتك الأولى.

     هنا أود أن أتطرق للحديث عن المسافرات معي للمرة الأولى، ومن هم خارج الإطار العائلي، غالبًا يكنّ مترددات في البداية، خاصة عندما تكون المرة الأولى لهن للسفر، والبعض من هؤلاء النساء أردن مني شرح فكرة السفر لأزواجهن، لأن بعضهم يحتاج أن يطمئن أكثر لفكرة سفر زوجته مع شخص غريب، إلا أن بعد شرحي، أجدهم يقتنعون بالفكرة، وما أعجبني أنه أصبح بعض الآباء في السنوات الأخيرة يقترحون على بناتهم بأن "يسافروا مع عائشة"، وأشعر أنه أصبح هناك ثقة بيني وبين الناس، وقد يكون ذلك لأنني أعرض كل شيء، فيعرف الناس أن كل ما أقوم به مناسب لهم، فيسمحون لبناتهم بالسفر معي، وتصلني بعض التعليقات الجميلة بأني أقوم بعمل رائع، وأنا سعيدة جدًا بذلك.

  • ما هي بعض أبرز الذكريات التي مررتِ بها خلال رحلات السفر التي قمتِ بها؟

     يصعب عليّ اختيار أبرز الذكريات لكثرتها، ولأن كل رحلة كانت مميزة بطريقة ما، مثلاً، منها سفري إلى بيرو في أمريكا الجنوبية، لأن السفر إلى أمريكا الجنوبية كان أحد أحلامي، كانت رحلة رائعة! وأيضًا أذكر رحلة المالديف، والتي توقعتها أن تكون رحلة مملة، لكنني استمتعتُ وقتها كثيرًا. ومؤخرًا أصبحتُ أحب السفر إلى بلدان في الوطن العربي، خاصة أننا نعيش في منطقة ثرية وغنية بالثقافة والأصالة والعادات والتقاليد والتاريخ، إلا أنه للأسف لا يتم إبراز كل هذه الملامح للزوار، مثلاً العراق المنسية سياحيًا بسبب ظروفها الحالية، إلا أنه عند الحديث مع أهلها يمكننا لمس مدى ثراء وعراقة العراق تاريخيًا. كما توجد بعض الأشياء البسيطة جدًا التي قد تضيف نكهة للرحلة، كالرحلة التي قمنا بها إلى البوسنة، وكانت تلك المجموعة من المجموعات التي "تعطي حياة" للرحلة بحيويتهن ونشاطهن، ومن الأمور الطريفة التي أتذكرها في تلك الرحلة هو إصرار إحدى المسافرات " فاطمة" على أكل البطيخ، فاشترينا لها بطيخة، وفاجأتنا بوضعها في مياه النهر لكي تبرد، ثم قطعتها لنا وأكلناه بجانب النهر مع غمس أرجلنا في ماء النهر، وكأننا في إحدى مشاهد الأفلام.

      كما توجد بعض الأشياء البسيطة جدًا التي قد تضيف نكهة للرحلة، كالرحلة التي قمنا بها إلى البوسنة، وكانت تلك المجموعة من المجموعات التي "تعطي حياة" للرحلة بحيويتهن ونشاطهن، ومن الأمور الطريفة التي أتذكرها في تلك الرحلة هو إصرار إحدى المسافرات " فاطمة" على أكل البطيخ، فاشترينا لها بطيخة، وفاجأتنا بوضعها في مياه النهر لكي تبرد، ثم قطعتها لنا وأكلناه بجانب النهر مع غمس أرجلنا في ماء النهر، وكأننا في إحدى مشاهد الأفلام.

      وأحيانًا قد نمر بتجارب يمكننا وصفها بالغرابة، ومنها رحلتنا إلى صلالة في عمان، والتي كانت عبارة عن رحلة مفاجآت، فصلالة عالم مختلف كامل، وأهل الجبل في المنطقة لهم عاداتهم وتقاليدهم ولباسهم، ونرى حياتهم في الكهوف، حتى أن بعضهم لم ينتقل للعيش إلى المدينة إلا مؤخرًا في التسعينات، إضافة إلى عاداتهم وتقاليدهم وتنوع لغاتهم، حتى في تعاملهم فيما بينهم، وتعامل الأزواج مع زوجاتهم والأبناء مع أمهم، فالمرأة هناك مدللة، والرجل هو من يحلب ويطبخ ويعمل، وكنا متعجبات جدًا من كل ما رأيناه، كانت صلالة مبهرة جدًا.

ورحلة أخرى رأيتُ فيها كيف يكون الإنسان بلا إنسانية، مثلاً في رحلة جنوب أفريقيا، رأينا العنصرية صريحة وواضحة في كل شيء، وكيف أن المنطقة التي يعيش فيها أصحاب البشرة البيضاء تكون نظيفة وراقية، على عكس المنطقة التي يعيش فيها السكان الأصليين والعنصرية واضحة حتى في جوازات سفرهم، فيصنف البشر على حسب لون البشرة. وكانت السيدة الجنوب أفريقية التي نتحدث معها عن هذا الموضوع تتكلم عن كل ذلك وكأنه شيء عادي، بينما أثارنا نحن هذا الموضوع.

  • كيف تحاولين إرضاء الأذواق المختلفة للناس فيما يتعلق بالسفر؟

     تختلف الأسباب التي تحفز الناس للسفر، ولذا أحرص على أن تكون رحلاتي منوعة، منها ما هي للاسترخاء والراحة، كالرحلات إلى المالديف، أو رحلات للتمتع بالطبيعة مثل السفر إلى كرواتيا وسلوفينيا، لكن في جميع الرحلات أخصص يومًا واحدًا للراحة، وأخصص وقتًا للتسوق في أي رحلة.

      وعن اختياري للدول والأنشطة، فأنا أنظر لنفسي كعينة لتحديد ما هو مناسب للبنات خلال السفر، وما هو غير مناسب لقدرات ورغبات السيدات، وأيضًا مستحيل أن أفكر في إضافة نشاط أو مكان أراه غير آمن أو غير ممتع لي، وأعتقد ان الإنسان يجب أن يراعي ذاته قبل أي شيء، ولا يبدي الرحلة او أي أمر على نفسه. ومن باب حب الذات ومراعاتها وتقدير مجهوداتي لنفسي، في بعض الرحلات أحجز للجميع في نفس الفئة، أو يتم توزيع الغرف بشكل عشوائي، إلا أنني لا أبخل على نفسي، وأدفع تكاليف إضافية وأقوم بحجز جناح خاص لي، لأنني إن لم أعتني بذاتي و أقدرها وأدللها، فلن أتمكن من الاعتناء بالآخرين، فبطبيعة الحال، إن حدث شيء ما لا قدر الله ،فسينتظر الجميع من عائشة مساعدتهم، وأنا لا أريد أن أخيب ظنهم، لذلك أعتقد أني أستحق اهتمامي بذاتي ونفسي.

  • هل واجهتكِ أي تحديات؟

     لقد واجهتُ تحديًا ووقتًا صعبًا كان له الأثر الكبير على مشروعي الخاص، عندما كنتُ موظفة خلال أول سنتين من بداية مشروعي، وبعدها توفى والدي رحمه الله، الأمر الذي كان له تأثيرٌ كبير عليّ، ومررتُ بعدها بفترة عصيبة. فكنتُ أصل إلى العمل بالسيارة، وأجلس فيها غير راغبة في دخول مكان العمل، وكأنني كرهتُ المكان، ولا أعلم بالضبط ما الذي جعلني هكذا، ولكنني أعلم أنه متعلق بوفاة والدي، أحسستُ أنني لا أعطي هذا العمل حقه، لأنني غير قادرة على ذلك، وحتى لو ذهبتُ إلى العمل، كنتُ أغلق المكتب على نفسي لأبكي، ومع ذلك كنتُ طبيعية جدًا في المنزل، ولذلك شعرتُ أنني أحتاج إلى الابتعاد عن العمل فترة معينة، وهنا قررتُ أن أتقدم بطلب إجازة بدون راتب، ولكن لم تتم الموافقة على ذلك، فأخبرتني إحداهن أن أذهب إلى طبيبة لتكتب لي تقريرًا عن حالتي النفسية بعد وفاة والدي، ثم أقدمها للعمل، وبالفعل ذهبتُ إلى الطبيبة، وكتبت لي إجازة لبضعة أيام فقط، لكني كنتُ أعلم أنني لم أكن أحتاج إلى إجازة لبضعة أيام، وإنما كنتُ أحتاج إلى الخروج من شيء ما ولا أعلم كيف الطريقة، ولكنهم لم يوافقوا على ذلك وتصرفوا أن تلك ليست مشكلتهم فأحسستُ أنهم لا ينظرون لي كإنسانة خاصة وأنني كنتُ أحمل ولاءً لهم لفترة طويلة من عمري حتى من قبل أن أتخرج من الجامعة وحتى بعد أن تخرجت، ولا أقصد بذلك أي تنقيص منهم، ولكن عندما حدث كل ذلك، هنا قلت لنفسي: "أنتِ لديكِ مشروعك الخاص، استقيلي من هذا العمل." كانت هذه أقوى خطوة قمتُ بها وهي أنني قدمتُ استقالتي. فكان الجميع يقولون لي : هل أنت مجنونة لتقدمي استقالتك؟ وماذا عن دراستكِ التي درستها؟ وماذا عن الدورات التدريبية التي حضرتها؟ وهل أنتِ متأكدة من ثبات مدخولك من رحلاتكِ؟ ولكنني كنتُ أرى أنه في استمراري في هذا العمل ظلمٌ لنفسي وظلمٌ للمكان نفسه، ولكن إن شعرتُ فيما بعد أنني أستطيع أن أعود للعمل، فسوف أعاود العمل من جديد، ولكن يجب عليّ الخروج الآن، وبالفعل تركتُ العمل وركزتُ على "رحلاتي" فقط، وتطورتُ كثيرًا بعدها وأثّر ذلك على نفسيتي كثيرًا وحتى ظهر ذلك الأثر على صحتي الجسدية. لم يكن كل شيء مثاليًا ولكن بشكل عام كانت نقطة تحول بالنسبة لي جعلتني أقوى. في السابق كنتُ دائمًا ما أشعر أنّ ما أقوم به عادي مهما فعلت، وكنتُ أرى بعض الموظفين يتحدثون عن إنجازاتهم، بينما لم أكن أتحدث عما أعمل أبدًا، وكنت أذكّر نفسي بالآية الكريمة في نفسي: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) (التوبة، 105)، ولو أنني أكملتُ الآية لوجدتُ أن "المؤمنين" بعدها مباشرة، فكان المفترض عليّ العمل ليرى الله عملي والمؤمنين، ولكن فهمتُ ذلك لاحقًا، وأدركتُ أن الله أعطاني هذا اللسان وهذا الهاتف ولابد لي من التحدث عما أعمل. والقرآن يحمل الكثير من الدلالات، وقد لا أحفظ الآيات، ولكن تبقى المعاني موجودة في ذهني، فلما أنشأ الله السماء وزينها بالنجوم وجعلها رجومًا للشياطين، فهذه النجوم مهمتها هي رجم الشياطين، ولكن الله سبحانه وتعالى لطيف، جعلها أيضًا زينة للسماء لنراها بأحلى حلة، وهكذا يجب أن يكون العمل الذي نقوم به.

  • ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

     أريد أن أعبر عن انطباعي عن القطريات قبل تقديم النصيحة. إن الصورة التي كونتها عن النساء القطريات من خلال مشاركتهن في السفرات هو أنهن "رسميات"، وقلما ينخرطن في الأمور الترفيهية، وكنتُ أرى بعضهن صامتات، لكن انطباعي هذا اختلف قليلاً مع مرور الوقت، فقد رأيتُ شجاعتهن عند الأزمات، وهذا أمر شاهدته عدة مرات خلال رحلاتي. مثلاً في إحدى المرات، تعثرت في الحمام وسقطت، وفجأة رأيتُ إحدى النساء القطريات، والتي كانت هادئة وخجولة ، رأيتها تسرع وتخلع سترتها، وباشرت بالإسعافات الأولية حتى قبل وصول الإسعاف، وانبهرتُ بسرعة استجابتها وقدرتها على تنفيذ الإسعافات الأولية، فسألتها عن كل ذلك، وأخبرتني أنها تعلمت الإسعافات الأولية من خلال الدورات، لكن انبهاري الشديد كان دائمًا وأبدًا بانقلاب هدوئها إلى شجاعة وتحكم وقت تلك الأزمة، وأحسستُ بسبب تلك الحادثة وغيرها العديد أنني ظلمتُ النساء القطريات في انطباعي الأول، وأن تحفظهن ربما كان ناتجًا من وجودهن في مكان جديد وفي موقف جديد.

      أما نصيحتي للنساء في قطر فهي: إذا كان من الممكن تطبيق ما تحبين القيام به على أرض الواقع سواء كنشاط تجاري أو غيره، فاسعي إلى تحقيق ذلك فكل درب نسلكه سيفتح لنا الأبواب إلى دروب أخرى. و لا تقدمي على خطوة الاستقالة من عملكِ عند بدء مشروعكِ، بل إبدأي المشروع، وضعي في ذهنكِ كل مفاجأت الحياة، ولكن لا تدعيها توقفك طالما أنك في المشروع أو الشغف، ودائمًا انصتي إلى صوت الحب الذي بداخلكِ، فهو دليلك لعيش الحياة بشكل يجعلك سعيدة.

مقابلات ذات صلة

فاطمة أحمد

Published on 22/06/2023

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR
Scroll to Top