ريم غانم الشرشني

لاعبة سكيت

في عام 2021م شارك المنتخب القطري للرماية في منافسات بطولة كأس العالم للرماية، والتي أقيمت في العاصمة الهندية نيودلهي، وبعد منافسات قوية، حقق المنتخب القطري البرونزية في مسابقة السكيت عن طريق الثنائي ريم غانم الشرشني وراشد صالح. وفي هذه المقابلة نتحدث إلى الرامية ريم غانم الشرشني، لتحدثنا عن حبها المستمر للرياضة، وعن رحلتها كرامية. فمن هي ريم غانم الشرشني؟

Reem Ghanem Al Sharshani

أحب أن أعرّف على نفسي كمُحبة ومدمنة رياضة، وقد لازمني شغفي للرياضة منذ صغري، فحتى كطفلة صغيرة، كنتُ أحب تجربة مختلف الرياضات، وشاركتُ في عدة فرق رياضية، حتى وجدتُ الرياضة التي تناسبني. وأنا دائمًا أقول بأن الرياضة شَكّلتني، لأن الرياضي قد يكتسب صفات معينة بناء على الرياضة التي يمارسها، مثلاً ممارستي للرماية علمتني التحكم في الانفعالات، وطريقة التعامل مع الضغوطات النفسية والذهنية، والمحافظة على هدوئي خلال ذلك، وذلك لأن بطولات الرماية تتكون من منافسات فردية في البداية، ثم تكون هناك منافسات بين فِرق تتكون من ثلاث رجال أو نساء، وفي النهائيات يتكون الفريق من رامي ورامية (مختلط)، ويعتمد الفوز في النهائيات على نقاط اللاعبَين معًا، وهكذا نتعلم التعاون من خلال ممارسة الرماية، ومثال آخر هو رياضة البادل التي تعلمتُ منها الصبر، وعدم الاستعجال والتعاون. وبشكل عام كان للرياضة دورًا كبيرًا في حياتي في تعزيز روح المنافسة، وشجعتني على العمل بجهد أكبر لتحقيق أهدافي، فقد كانت الرياضة – وما زالت - جزءًا كبيرًا من حياتي، والحمدالله أنني استطعتُ أن أستمر في مجال الرياضة كمحترفة، وأن أحَول شغفي إلى مهنة، وبعد تجربتي لمختلف الرياضات وجدتُ أن ما يناسبني منها هي الرماية، وحاليًا أنا لاعبة في المنتخب القطري للرماية ، ولي عشر سنوات في رياضة الرماية، وتوَفّقتُ خلال هذه السنوات في تحقيق العديد من الإنجازات، لكن أقربها إلى قلبي فوزي بالبرونزية في بطولة كأس العالم التي أقيمت في الهند عام 2021 م.

وغير رحلتي في الرياضة، أنا خريجة من جامعة قطر بشهادة في تغذية الإنسان، وأعمل حاليًا كمتدربة في مؤسسة حمد الطبية في قسم التغذية، وقد كنتُ أطمح لدراسة الطب، لكنني فضلتُ التغذية لخوفي أن دراستي للطب قد تؤثر على مساري الرياضي، صحيح أن هناك الكثير مما قيل لي عن احترافي في الرماية، فالبعض كان يقول لي أن الرماية مجرد هواية، سأستغني عنها بعد الزواج، أو سأتخلى عنها عندما أجد عملاً، وهذه كلها تعليقات تصدر ممن يرون أن الرياضة مسارًا ثانويًا في حياة الشخص، ولكن بالنسبة لي، لا يمكنني الاستغناء عنها في حياتي، ولا أتخيل أنني في يوم ما سأتوقف عن ممارسة الرماية، ولذا اخترتُ تخصص التغذية لقربه من تخصص الطب، بالإضافة إلى أنني فكرتُ أن معرفتي البسيطة بالتغذية لكوني رياضية محترفة ستساعدني في هذا المجال، كما أنه سيسمح لي بمواصلة مسيرتي الرياضية لأنني لن أنشغل بالدراسة طوال الوقت.  

 

لاحظنا حبكِ للعديد من الرياضات، كيف استقررتِ على ممارسة واحتراف الرماية دون غيرها؟

بدأت قصتي مع الرماية عندما كنتُ طالبة في المدرسة، حين كنتُ أشترك في فعاليات اليوم الرياضي الأولمبي للمدارس، فاشتركتُ في مختلف الرياضات منها كرة القدم، وغيرها، ولكن نقطة التحول في حياتي كانت في عام 2006 م، حين استضافت قطر دورة الألعاب الآسيوية (الآسياد)، ومن مظاهر احتفال الدولة بهذه المناسبة كان تعليق صور اللاعبين واللاعبات على الأبراج، ووقتها كنتُ طفلة في الثانية عشر، فانبهرتُ انبهارًا شديدًا بصور هؤلاء اللاعبين واللاعبات، وتمنيتُ لو أنني كنتُ من ضمن هؤلاء النخبة، ووضعتُ لي هدفًا، وهو أن أصبح لاعبة محترفة، إلا أنني لم أقرر في أي رياضة، مع توقعي بأنني سأحترف رياضة جماعية.

ومع موجة الوعي الرياضي التي شهدتها الدولة تزامنًا مع استضافتها لآسياد 2006 م، قامت والدتي بتسجيلي في برنامج " مواهب أسباير" الرياضي من تنظيم أكاديمية أسباير، وكان البرنامج عبارة عن جدول منظم لتعلم وممارسة رياضات مختلفة، ويتم تغيير نوع الرياضة كل أسبوعين، وقد وفر لي ذلك البرنامج فرص عديدة لتجربة مختلف الرياضات، حتى أنني انضممتُ إلى فريق رياضة الجودو التي مارستها بعد ذلك لحوالي 3 سنوات، ولكني تركتها لأنها رياضة قد تصبح خطرة أحيانًا، فإصاباتها قد تؤثر على الظهر، ورغم أنني وجدتها شيقة، ومليئة بالتحديات، إلا أن والدتي أصرت عليّ أن أترك الجودو، عندما أصبتُ للمرة الأولى.

وبعدها انضممتُ إلى فريق رياضة الرماية، وهي الرياضة التي تعرفتُ عليها من خلال برنامج أسباير، والرماية منها أنواع عديدة، مثل الرماية بالقوس والسهم والرماية بالبندقية، وأتذكر أنني أردتُ تجربة الرماية بالمسدس فور دخولي للميدان، إلا أنه قيل لي أنها للرجال فقط، ولكني استطعتُ تجربة الرماية بالقوس والسهم، وفيما بعد، تم اختياري في منتخب الرماية بالبندقية، ولكنني كنتُ أمر بفترات عدم الاستقرار، وعدم الرغبة في البقاء في المنتخب، لأنني كنتُ أمارسها كهواية فقط، ولكن الجميع كان يشجعني تقديرًا لموهبتي، وحسمتُ أمري وأنا في الرابعة عشر، فتركتُ منتخب الرماية، لأنني كنتُ أراها رياضة هادئة جدًا، ولذا قد لا تناسبني لأستمر فيها على المدى البعيد، لأنني أحب الرياضة التي بها إثارة، أو لنقل بها "أكشن"، كما تفتقر الرماية بالبندقية إلى الاحتكاك بين اللاعبين والمستويات المختلفة، وفي اليوم الذي أعلنتُ فيه تَركي للرماية بالبندقية، أتاح لي رئيس الاتحاد القطري للرماية والقوس والسهم بتجربة "الشوزن" ، وأول ما وضعتُ في يدي السلاح، ارتبطتُ بها ارتباطًا عاطفيًا، ووجدتُ في تلك الرياضة ما كنتُ أبحث عنه في رياضة لتناسبني، و"الشوزن" رياضة تمارس في الهواء الطلق، وعلى اللاعب أن يواجه مختلف حالات الطقس، وأن يتحدى مثل هذه الأمور الخارجة عن سيطرته، ولذا وجدتها رياضة بها الإثارة التي كنتُ أبحثُ عنها، بالإضافة إلى تميزها بالمنافسة الشديدة بين اللاعبين، ولن أخفي أننا تعرضنا لتصرفات يمكننا أن نسميها "غير شريفة" خلال المنافسات ضد فرق خارجية، فكانوا يدفعوننا، أو يرموننا بالكلام المستفز، ليضيعوا تركيزنا وقت اللعب، خاصة أن رياضة الرماية تحتاج إلى تحكم شديد للانفعالات، حتى يستطيع اللاعب أن يركز وقت المنافسة، وهكذا كانت بدايتي مع رياضة الرماية.

 

كيف تم تجهيزكِ لمواجهة الضغوطات الذهنية التي قد يواجهها أي لاعب رياضة؟

أعتقد أن أول شيء تم تدريبنا عليه هو الاستعداد الذهني، والتعامل مع الضغوطات، وهذا أمر يختلف فيه اللاعبين لاختلاف شخصياتهم، واختلاف ما يواجهونه يوميًا من صعوبات وتحديات، فلا توجد قاعدة ثابتة يمكن تطبيقها على الجميع، ويتمثل التدريب الذهني في تهيئة اللاعب لما قد يواجهه من أحداث في الميدان، صحيح أن التركيز الأكبر كان على التدريب الفعلي للرماية، إلا أننا كنا نتلقى تدريبًا ذهنيًا عن طريق استعراض السيناريوهات المحتملة خلال اللعبة، لكننا كنا على وعي تام بأن التدريب الفعلي يتطلب الدخول إلى الميدان والمنافسة، وهذا أمر لاحظتُ تأثيره على قدراتي، فعندما كنا نشارك في بطولات قليلة، لم أكن راضية بالمستوى الذي كنتُ أقدمه، ولكن عندما بدأنا بالاشتراك في بطولات أكثر، مثلاً، كأن أشارك في بطولتين أو حتى ثلاث شهريًا، عندها بدأتُ أحقق إنجازات، ورأيتُ تقدمًا كبيرًا في مستوى اللعب، كما أن البطولات المختلفة لها تأثير مختلف على اللاعب، ورغم كوني لاعبة منذ عشر سنوات، إلا أنني في كل بطولة مازلت أمر بأحاسيس مختلفة.

 

Reem Ghanem Al Sharshani,
"الرياضي قد يكتسب صفات معينة بناء على الرياضة التي يمارسها" - ريم الشرشني

كيف كان شعوركِ بالفوز بالميدالية البرونزية في بطولة العالم؟

كنّا – أنا وزميلي راشد صالح - قد تأهلنا إلى النهائيات، وفي لحظة الفوز كان تركيزي منصبًا كليًا على اللعبة نفسها، وعندما تم اعلان فوزنا، لم أنتبه لذلك من شدة انغماسي في اللحظة، ولم أستوعب الفوز إلا عندما رأيتُ مدربنا يصافح المهنئين، ولاحظتُ فرحة الجمهور وسعادته، صحيح أنها كانت لحظة غريبة، لكن بعد استيعابي للفوز، وتسابق زملائي لتهنئتنا، تحولت اللحظة إلى تجربة فريدة، ومهما وصفتُ اللحظة، وأحاسيسي في وقتها، إلا أنني لن أستطيع أن أوفيها حقها، حتى أتذكر أن الجو كان ماطرًا، أي أن كل الأشياء كانت في أوج جمالها، والحمدالله، لي إنجازات أخرى على الصعيد العالمي والآسيوي والعربي، مثلاً، شاركتُ في بطولة العالم العسكرية التي أقيمت في يوهان - الصين في عام ٢٠١٩ م، والتي كانت منافسة قوية جدًا، ولكني توفقتُ في الحصول على المركز الخامس على مستوى العالم، والذي يعتبر ترتيبًا جديدًا لي، ورغم عدم فوزي بميدالية في تلك البطولة، إلا أنني وجدتُ ترحيبًا وتقديرًا من الجميع للترتيب الذي حققته، رغم عدم توقعي لكل ذلك التقدير، وما أتذكره من تلك البطولة هو تقدير من حولي، وليس عدم حصولي على الميدالية.

 

هل واجهتِ أي تحديات في رحلتك؟

بدأتُ رحلتي كلاعبة محترفة في الرماية حينما كنتُ طالبة في الثانوية، وبعدها أكملتُ دراستي في جامعة قطر، ولذا واجهتُ مجموعة من التحديات، والضغوطات الدراسية والنفسية، لكن ممارستي لرياضة الرماية ساعدتي على تفريغ كل تلك الضغوطات، وتعلمتُ حينها أن أحاول التوفيق بين الدراسة والرياضة، وحاولتُ استغلال وقتي بقدر الإمكان للدراسة وقت السفر للبطولات، حتى أنني كنتُ أدرس خلال رحلتي وأنا في الطائرة، ومن كان يُشرف عليّ من مدربين وغيرهم، كانوا داعمين لدراستي، ولكني تعلمتُ أن أضع لكل شيء وقته، فحين تحب شيئًا، ستخصص له الوقت رغم جميع الضغوطات، قد يظن البعض بأننا نستمتع خلال السفر، ولكن ذلك غير صحيح، لأنه بالإضافة إلى كل ما ذكرته من تحديات، قد نواجه تحديات من ناحية الدولة المستضيفة للبطولة، مثلاً، في عام 2019 م، كنا في بطولة في فنلندا، وكان الطقس سيئًا جدًا بسبب الأمطار والعواصف، وكان من الممكن تأجيل المنافسات يومها بسبب سوء الطقس، لكن البطولة استمرت، وهذه بعض التحديات التي قد نواجهها كلاعبين رماية، وأحيانًا قد أواجه بعض التعليقات من المجتمع، لاعتقادهم أن الرماية رياضة رجالية، لكنها تعليقات توحي بالمفاجأة، وليس استنكارًا لكوني لاعبة رماية، ولن أسميها تحديًا، لكنه أمر مسلي أواجهه أحيانًا.

 

Reem Ghanem Al Sharshani,

ما هي نصيحتك للنساء في قطر؟

جربن مختلف الرياضات، لأنها تأتي في أشكال مختلفة، ومفهوم الرياضة ليس محصورًا على النادي الرياضي، خاصةً وأن الدولة وفرت مختلف المرافق الرياضية، وجربن مختلف الأشياء، واستكشفن العالم، فالموهبة لا يمكن تنميتها بدون جهد.  

 

مقابلات مشابهة

Aisha Saleh Al Maaded

عائشة صالح المعاضيد

يظل المجتمع المحلي الداعم الأول لاستدامة البيئة المحلية، ولذا شهدت الدولة إطلاق العديد من المبادرات البيئية التي تهدف إلى توعية المجتمع بالمشاكل البيئية، ومنها مبادرة مستقبل أخضر، وفي هذه المقابلة تحدثنا صاحبة المبادرة عائشة صالح المعاضيد عن المبادرة، وعن رحلتها الشخصية في توعية المجتمع عن البيئة

إقرأ المزيد
Buthaina Mohammed Al Janahi

بثينة محمد الجناحي

أثبتتْ الكاتبةُ بُثَيْنَةُ محمد الجناحي أنَّ المشروعَ لا يتطلبُ إلا العزيمةَ والإصرارَ، فعبر خبرتِهَا المرموقةِ تقومُ بثينة على تغييرِ الواحةِ الثقافيةِ القطريةِ شيئًا فشيئًا

إقرأ المزيد

فاطمة أحمد

نشر في 23 أكتوبر 2022

  • جميع الصور تم مشاركتها معنا من قبل صاحبة المقابلة، وإن اختلف المصدر سيتم الإشارة إليه.
  • تم تحرير المقابلة للوضوح والترتيب.
AR
Scroll to Top